الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } * { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً } * { أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } * { ٱنظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً } * { تَبَارَكَ ٱلَّذِيۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً } * { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً } * { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } * { وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } * { لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً } * { قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً وَمَصِيراً } * { لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً } * { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُواْ ٱلذِّكْرَ وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً } * { فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي ٱلأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً }

بيان تحكي الآيات عن المشركين ما طعنوا به في القرآن الكريم في النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتجيب عنه. قوله تعالى { قال الذين كفروا إن هذا إِلا إِفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون } الخ في التعبير بمثل قوله { وقال الذين كفروا } من غير أن يقال وقالوا، مع تقدم ذكر الكفار في قوله { واتخذوا من دونه آلهة } تلويح إلى أن القائلين بهذا القول هم كفار العرب دون مطلق المشركين. والمشار إليه بقولهم { إن هذا } القرآن الكريم، وإنما اكتفوا بالإِشارة دون أن يذكروه باسمه أو بشيء من أوصافه إزراء به وحطاً لقدره. والإِفك هو الكلام المصروف عن وجهه، ومرادهم بكونه إفكاً افتراء كونه كذباً اختلقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونسبه إلى الله سبحانه. والسياق لا يخلو من إيماء إلى أن المراد بالقوم الآخرين بعض أهل الكتاب وقد ورد في بعض الآثار أن القوم الآخرين هم عداس مولى حويطب بن عبد العزّى ويسار مولى العلاء بن الحضرمي وجبر مولى عامر كانوا من أهل الكتاب يقرؤون التوراة أسلموا وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتعهدهم فقيل ما قيل. وقوله { فقد جاؤا ظلماً وزوراً } قال في مجمع البيان إن جاء وأتى ربما كانا بمعنى فعل فيتعديان مثله فمعنى الآية فقد فعلوا ظلماً وكذباً، وقيل إن ظلماً منصوب بنزع الخافض والتقدير فقد جاؤا بظلم، وقيل حال والتقدير فقد جاؤا ظالمين وهو سخيف. وفيه أيضاً ومتى قيل كيف اكتفى بهذا القدر في جوابهم؟ قلنا لما تقدم التحدي وعجزهم عن الإِتيان بمثله اكتفى ها هنا بالتنبيه على ذلك. انتهى والظاهر أن الجواب عن قولهم { إن هذا إلا إفك افتراه } - الخ، وقولهم { أساطير الأولين اكتتبها } الخ، جميعاً هو قوله تعالى { قل أنزله الذي يعلم السر } الخ، على ما سنبين والجملة أعني قوله { فقد جاؤا ظلماً وزوراً } رد مطلق لقولهم وهو في معنى المنع مع السند وسنده الآيات المشتملة على التحدي. وبالجملة معنى الآية وقال الذين كفروا من العرب ليس هذا القرآن إلا كلاماً مصروفاً عن وجهه - حيث إنه كلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم وقد نسبه إلى الله - افترى به على الله وأعانه على هذا الكلام قوم آخرون وهم بعض أهل الكتاب فقد فعل هؤلاء الذين كفروا بقولهم هذا ظلماً وكذباً. قوله تعالى { وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا } الأساطير جمع أُسطورة بمعنى الخبر المكتوب ويغلب استعماله في الأخبار الخرافية والاكتتاب هو الكتابة ونسبته إليه صلى الله عليه وآله وسلم مع كونه أمياً لا يكتب إنما هي بنوع من التجوز ككونه مكتوباً باستدعاء منه كما يقول الأمير كتبت إلى فلان كذا وكذا وإنما كتبه كاتبه بأمره، والدليل على ذلك قوله بعد { فهي تملى عليه بكرة وأصيلا } إذ لو كان هو الكاتب لم يكن معنى للاملاء، وقيل الاكتتاب بمعنى الاستكتاب.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد