الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ } * { أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون } * { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لاَّ تُقْسِمُواْ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّـلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَأْوَٰهُمُ ٱلنَّارُ وَلَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }

بيان تتضمن الآيات افتراض طاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأنها لا تفارق طاعة الله تعالى، ووجوب الرجوع إلى حكمه وقضائه وأن الإِعراض عنه آيه النفاق، وتختتم بوعد جميل للصالحين من المؤمنين وإيعاد للكافرين. قوله تعالى { ويقولون آمنَّا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك } الخ، بيان حال بعض المنافقين حيث أظهروا الإِيمان والطاعة أولاً ثم تولوا ثانياً فالإِيمان بالله هو العقد على توحيده وما شرع من الدين، والإِيمان بالرسول هو العقد على كونه رسولاً مبعوثاً من عند ربه أمره أمره ونهيه نهيه وحكمه حكمه من غير أن يكون له من الأمر شيء، وطاعة الله هي تطبيق العمل بما شرعه، وطاعة الرسول الائتمار والانتهاء عند أمره ونهيه وقبول ما حكم به وقضى عليه. فالإِيمان بالله وطاعته موردهما نفس الدين والتشرّع به، والإِيمان بالرسول وطاعته موردهما ما أخبر به الرسول من الدين بما أنه يخبر به وما حكم به وقضى عليه في المنازعات والانقياد له في ذلك كله. فبين الإِيمانين والطاعتين فرق ما من حيث سعة المورد وضيقه، ويشير إلى ذلك ما في العبارة من نوع من التفصيل حيث قيل { آمنَّا بالله وبالرسول } فاشير إلى تعدُّد الإِيمان والطاعة ولم يقل آمنا بالله والرسول بحذف الباء، والإِيمانان مع ذلك متلازمان لا ينفكّ أحدهما عن الآخر، قال تعالىويريدون أن يفرّقوا بين الله ورسله } النساء 150. فقوله { ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا } أي عقدنا القلوب على دين الله وتشرّعنا به وعلى أن الرسول لا يخبر إلا بالحق ولا يحكم إلا بالحق. وقوله { ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك } أي ثم يعرض طائفة من هؤلاء القائلين { آمنا بالله وبالرسول وأطعنا } عن مقتضى قولهم من بعد ما قالوا ذلك. وقوله { وما أُولئك بالمؤمنين } أي ليس أُولئك القائلون بالمؤمنين، والمشار إليه بإسم الإِشارة القائلون جميعاً لا خصوص الفريق المتولّين على ما يعطيه السياق لأن الكلام مسوق لذمِّ الجميع. قوله تعالى { وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون } يشهد سياق الآية أن الآيات إنما نزلت في بعض من المنافقين دعوا إلى حكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منازعة وقعت بينه وبين غيره فأبى الرجوع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي ذلك نزلت الآيات. والنبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما كان يحكم بينهم بحكم الله على ما أراه الله كما قال تعالىإنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله } النساء 105. للحكم نسبة إليه بالمباشرة ونسبة إلى الله سبحانه من حيث كان الحكم في ضوء شريعته وبنصبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم للحكم والقضاء.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد