الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } * { لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } * { فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } * { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } * { أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ } * { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } * { قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } * { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ } * { فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ } * { إِنِّي جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } * { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ } * { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ } * { قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } * { فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } * { وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } * { وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ }

بيان الآيات تفصّل القول في عذاب الآخرة التي أوعدهم الله بها في طي الآيات السابقة وهو من يوم الموت إلى يوم البعث ثم إلى الأبد، وتذكر أن الحياة الدنيا التي غرَّتهم وصرفتهم عن الآخرة قليلة لو كانوا يعلمون. ثم تختم السورة بأمره صلى الله عليه وآله وسلم أن تسأله ما حكاه عن عباده المؤمنين الفائزين في الآخرة { ربِّ اغفر وارحم وأنت خير الراحمين } وقد افتتحت السورة بأنهم مفلحون وارثون للجنة. قوله تعالى { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربّ ارجعون } " حتى " متعلق بما تقدم من وصفهم له تعالى بما هو منزَّه منه وشركهم به، والآيات المتخللة اعتراض في الكلام أي لا يزالون يشركون به ويصفونه بما هو منزَّه منه وهم مغترّون بما نمدهم به من مال وبنين حتى إذا جاء أحدهم الموت. وقوله { قال ربِّ ارجعون } الظاهر أن الخطاب للملائكة المتصدّين لقبض روحه و " ربِّ " استغاثة معترضة بحذف حرف النداء والمعنى قال - وهو يستغيث بربه - ارجعون. وقيل إن الخطاب للرب تعالى والجمع للتعظيم كقول امرأة فرعون له على ما حكاه الله { قرَّة عين لي ولك لا تقتلوه }. وقيل هو من جمع الفعل ويفيد تعدد الخطاب، والمعنى ربِّ ارجعني ارجعني ارجعني كما قيل في قوله
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول وحومل   
أي قف قف نبك. وفي الوجهين أن الجمع للتعظيم إن صحَّ ثبوته في اللغة العربية فهو شاذ لا يحمل عليه كلامه تعالى، وأشذُّ منه جمع الفعل بالمعنى الذي ذكر. قوله تعالى { لعلّي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها } " لعلَّ " للترجّي وهو رجاء تعلقوا به بمعاينة العذاب المشرف عليهم كما ربما ذكروا الرجوع بوعد العمل الصالح كقولهمفأرجعنا نعمل صالحاً } السجدة 12، وربما ذكروه بلفظ التمني كقولهميا ليتنا نردَّ ولا نكذب بآيات ربنا } الأنعام 27. وقوله { أعمل صالحاً فيما تركت } أي أعمل عملاً صالحاً فيما تركت من المال بإنفاقه في البرّ والإِحسان وكل ما فيه رضي الله سبحانه. وقيل المراد بما تركت الدنيا التي تركها بالموت والعمل الصالح أعم من العبادات المالية وغيرها من صلاة وصوم وحج ونحوها، وهو حسن غير أن الأول هو الأظهر. وقوله { كلا إنها كلمة هو قائلها } أي لا يرجع إلى الدنيا إن هذه الكمة { ارجعونِ لعلّي أعمل صالحاً فيما تركت } كلمة هو قائلها أي لا أثر لها إلا أنها كلمة هو قائلها، فهو كناية عن عدم إجابة مسألته. قوله تعالى { ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } البرزخ هو الحاجز بين الشيئين كما في قولهبينهما برزخ لا يبغيان }

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8