الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ } * { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } * { وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ } * { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُّعْرِضُونَ } * { أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ } * { بَلْ مَتَّعْنَا هَـٰؤُلاۤءِ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ أَفَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } * { قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلْوَحْيِ وَلاَ يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ } * { وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ }

بيان من تتمة الكلام حول النبوة يذكر فيها بعض ما قاله المشركون في النبي صلى الله عليه وآله وسلم كقولهم سيموت فنتخلص منه ونستريح. وقولهم استهزاء به أهذا الذي يذكر آلهتكم، وقولهم استهزاء بالبعث والقيامة التي أُنذروا بها متى هذا الوعد إن كنتم صادقين وفيها جواب أقاويلهم وإنذار وتهديد لهم وتسلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. قوله تعالى { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإِن مت فهم الخالدون } يلوح من الآية أنهم كانوا يسلّون أنفسهم بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيموت فيتخلصون من دعوته وتنجو آلهتهم من طعنه كما حكي ذلك عنهم في مثل قولهمنتربص به ريب المنون } الطور 30، فأجاب عنه بأنا لم نجعل لبشر من قبلك الخلد حتى يتوقع ذلك لك بل إنك ميت وإنهم ميتون، ولا ينفعهم موتك شيئاً فلا أنهم يقبضون على الخلود بموتك، فالجميع ميتون، ولا أن حياتهم القصيرة المؤجلة تخلو من الفتنة والامتحان الإِلهي فلا يخلو منه إنسان في حياته الدنيا، ولا أنهم خارجون بالآخرة من سلطاننا بل إلينا يرجعون فنحاسبهم ونجزيهم بما عملوا. وقوله { أفإن مت فهم الخالدون } ولم يقل فهم خالدون والاستفهام للإِنكار يفيد نفي قصر القلب كأنه قيل إن قولهم، نتربص به ريب المنون كلام من يرى لنفسه خلوداً أنت مزاحمه فيه فلو مت لذهب بالخلود وقبض عليه وعاش عيشة خالدة طيبة ناعمة وليس كذلك بل كل نفس ذائقة الموت، والحياة الدنيا مبنية على الفتنة والإِمتحان، ولا معنى للفتنة الدائمة والامتحان الخالد بل يجب أن يرجعوا إلى ربهم فيجازيهم على ما امتحنهم وميّزهم. قوله تعالى { كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون } لفظ النفس - على ما يعطيه التأمل في موارد استعماله - أصل معناه هو معنى ما أُضيف إليه فنفس الشيء معناه الشيء ونفس الإِنسان معناه هو الإِنسان ونفس الحجر معناه هو الحجر فلو قطع عن الإِضافة لم يكن له معنى محصل، وعلى هذا المعنى يستعمل للتأكيد اللفظي كقولنا جاءني زيد نفسه أو لإِفادة معناه كقولنا جاءني نفس زيد. وبهذا المعنى يطلق على كل شيء حتى عليه تعالى كما قالكتب على نفسه الرحمة } الأنعام 12، وقالويحذركم الله نفسه } آل عمران 30، وقالتعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } المائدة 116. ثم شاع استعمال لفظها في شخص الإِنسان خاصة وهو الموجود المركب من روح وبدن فصار ذا معنى في نفسه وإن قطع عن الإِضافة قال تعالى { هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها } أي من شخص إنساني واحد، وقالمن قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً }

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8