الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } * { قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } * { قَالَ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ } * { قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى } * { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ } * { كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } * { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ } * { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ } * { قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ } * { فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } * { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } * { فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ } * { قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ ٱفْتَرَىٰ } * { فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ } * { قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ } * { فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ } * { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ } * { قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ } * { فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ } * { قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ } * { وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوۤاْ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ } * { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ } * { قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } * { قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلَّذِي فَطَرَنَا فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ } * { إِنَّآ آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ ٱلسِّحْرِ وَٱللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } * { وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ ٱلصَّالِحَاتِ فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَاتُ ٱلْعُلَىٰ } * { جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذٰلِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّىٰ } * { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي ٱلْبَحْرِ يَبَساً لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَىٰ } * { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِّنَ ٱلْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ } * { وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ }

بيان فصل آخر من قصة موسى عليه السلام يذكر فيه خبر ذهاب موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون وتبليغهما رسالة ربهما في نجاة بني إسرائيل. وقد فصَّل في الآيات خبر ذهابهما إليه وإظهارهما آيات الله ومقابلة السحرة وظهور الحق وإيمان السحرة واشير إجمالاً إلى إسراء بني إسرائيل وشق البحر وإتباع فرعون لهم بجنوده وغرقهم. قوله تعالى { قال فمن ربكما يا موسى } حكاية لمحاورة موسى وفرعون وقد علم مما نقله تعالى من أمره تعالى لهما أن يذهبا إلى فرعون يدعواه إلى التوحيد ويكلماه في إرسال بني إسرائيل معهما، ما قالا له فهو محذوف وما نقل من كلام فرعون جواباً دالّ عليه. ويظهر مما نقل من كلام فرعون أنه علم بتعريفهما أنهما معاً داعيان شريكان في الدعوة غير أن موسى هو الأصل في القيام بها وهارون وزيره ولذا خاطب موسى وحده وسأل عن ربهما معاً. وقد وقع في كلمة الدعوة التي أمرا بأن يكلماه بها { إنّا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك } الخ، لفظ { ربك } خطاباً لفرعون مرتين وهو لا يرى لنفسه رباً بل يرى نفسه رباً لهما ولغيرهما كما قال في بعض كلامه المنقول منهأنا ربكم الأعلى } النازعات 24، وقاللئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين } الشعراء 29، فقوله { فمن ربكما } - وكان الحري بالمقام أن يقول فمن ربي الذي تدعيانه رباً لي؟ أو ما يقرب من ذلك - يلوح إلى أنه يتغافل عن كونه سبحانه رباً له كأنه لم يسمع قولهما { ربك } ويسأل عن ربهما الذي هما رسولان من عنده. وكان من المسلم المقطوع عند الأُمم الوثنيين أن خالق الكل حقيقة هي أعلى من أن يقدر بقدر وأعظم من أن يحيط به عقل أو وهم فمن المستحيل أن يتوجه إليه بعبادة أو يتقرَّب إليه بقربان فلا يؤخذ إلهاً ورباً بل الواجب التوجه إلى بعض مقرَّبي خلقه بالعبادة والقربان ليقرب الإِنسان من الله زلفى ويشفع له عنده فهؤلاء هم الآلهة والأرباب وليس الله سبحانه بإله ولا رب وإنما هو إله الآلهة ورب الأرباب فقول القائل إن لي رباً إنما يعني به أحد الآلهة من دون الله وليس يعني به الله سبحانه ولا يفهم ذلك من كلامه في محاوراتهم. فقول فرعون { فمن ربكما } ليس إنكاراً لوجود خالق الكل ولا إنكار أن يكون له إله كما يظهر من قولهويذرك وآلهتك } الأعراف 127، وإنما هو طلب منه للمعرفة بحال من اتخذاه إلهاً ورباً من هو غيره؟ وهذا معنى ما تقدم أن فرعون يتغافل في قوله هذا عن دعوتهما إلى الله سبحانه وهما في أول الدعوه فهو يقدر ولو كتقدير المتجاهل أن موسى وأخاه يدعوانه إلى بعض الآلهه التي يتخذ فيما بينهم رباً من دون الله فيسأل عنه، وقد كان من دأب الوثنيين التفنن في اتخاذ الآلهة يتخذ كل منهم من يهواه إلهاً وربما بدل إلهاً من إله فتلك طريقتهم وسيأتي قول الملاء { ويذهبا بطريقتكم المثلى } نعم، ربما تفوه عامتهم ببعض ما لا يوافق اصولهم كنسبة الخلق والتدبير إلى نفس الأصنام دون أربابها.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد