الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } * { مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً } * { خَالِدِينَ فِيهِ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً } * { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً } * { يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } * { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } * { فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً } * { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } * { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } * { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } * { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } * { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } * { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } * { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } * { فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }

بيان تذييل لقصة موسى بآيات متضمنة للوعيد يذكر فيها من أهوال يوم القيامة لغرض الإِنذار. قوله تعالى { كذلك نقصُّ عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنَّا ذكراً } الظاهر أن الإِشارة إلى خصوصية قصة موسى والمراد بما قد سبق الأُمور والحوادث الماضية والأُمم الخالية أي على هذا النحو قصصنا قصة موسى وعلى شاكلته نقصُّ عليك من أخبار ما قد مضى من الحوادث والأُمم. وقوله { وقد آتيناك من لدنَّا ذكراً } المراد به القرآن الكريم أو ما يشتمل عليه من المعارف المتنوعة التي يذكّر بها الله سبحانه من حقائق وقصص وعبر وأخلاق وشرائع وغير ذلك. قوله تعالى { من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً } ضمير { عنه } للذكر والوزر الثقل والإِثم والظاهر بقرينة الحمل إرادة المعنى الأول وتنكيره للدلالة على عظم خطره، والمعنى من أعرض عن الذكر فإنه يحمل يوم القيامة ثقلاً عظيم الخطر ومرّ الأثر، شبّه الإِثم من حيث قيامه بالإِنسان بالثقل الذي يحمله الإِنسان وهو شاق عليه فاستعير له اسمه. قوله تعالى { خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملاً } المراد من خلودهم في الوزر خلودهم في جزائه وهو العذاب بنحو الكناية والتعبير في { خالدين } بالجمع باعتبار معنى قوله { من أعرض عنه } كما أن التعبير في { أعرض } و { فإنه يحمل } باعتبار لفظه، فالآية كقولهومن يعصِِ الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً } الجن 23. ومع الغضّ عن الجهات اللفظية فقوله { من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً خالدين فيها } من أوضح الآيات دلالة على أن الإِنسان إنما يعذب بعمله ويخلد فيه وهو تجسّم الأعمال. وقوله { وساء لهم يوم القيامة حملاً } ساء من أفعال الذمّ كبئس، والمعنى وبئس الحمل حملهم يوم القيامة، والحمل بكسر الحاء وفتحها واحد، غير أن ما بالكسر هو المحمول في الظاهر كالمحمول على الظهر وما بالفتح هو المحمول في الباطن كالولد في البطن. قوله تعالى { يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً } { يوم ينفخ } الخ، بدل من يوم القيامة في الآية السابقة، ونفخ في الصور كناية عن الإِحضار والدعوة ولذا أتبعه فيما سيأتي بقوله { يومئذ يتَّبعون الداعي لا عوج له } الآية 108 من السورة. والزرق جمع أزرق من الزرقه وهي اللون الخاص، وعن الفرّاء ان المراد بكونهم زرقاً كونهم عمياً لأن العين إذا ذهب نورها ازرقّ ناظرها وهو معنى حسن ويؤيده قوله تعالىونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً } الإسراء 97. وقيل المراد زرقة أبدانهم من التعب والعطش، وقيل زرقة عيونهم لأن أسوأ ألوان العين وأبغضها عند العرب زرقتها، وقيل المراد به كونهم عطاشاً لأن العطش الشديد يغير سواد العين ويُريها كالأزرق وهي وجوه غير مرضية.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7