الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } * { وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ فَأَنجَيْنَٰكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { وَإِذْ وَٰعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَٰلِمُونَ } * { ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٱكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } * { وَإِذْ قُلْنَا ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَٰيَٰكُمْ وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ ٱلأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ٱهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }

بيان قوله تعالى { ويستحيون نسائكم } ، أي يتركونهنّ أحياء للخدمة من غير أن يقتلوهنَّ كالأبناء، فالاستحياء طلب الحياة ويمكن أن يكون المعنى، ويفعلون ما يوجب زوال حيائهنّ من المنكرات، ومعنى يسومونكم يولّونكم. قوله تعالى { وإذ فَرَقنا بكم البحر } مقابل الجمع كالفصل والوصل، والفرق في البحر الشقّ والباء للسببية أو الملابسة أي فرقنا لإِنجائكم البحر أو لملابستكم دخول البحر. قوله تعالى { وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة } ، وقصَّ تعالى القصة في سورة الأعراف بقولهوواعَدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة } الأعراف 142، فعد المواعدة فيها أربعين ليلة إما للتغليب أو لأنه كانت العشرة الأخيرة بمواعدة أُخرى، فالأربعون مجموع المواعدتين كما وردت به الرواية. قوله تعالى { فتوبوا إلى بارئكم } ، البارئ من الأسماء الحسنى كما قال تعالىهو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى } الحشر 24، وقع في ثلاث مواضع من كلامه تعالى اثنان منها في هذه الآية ولعلَّه خصَّ بالذكر ها هُنا من بين الأسماء الملائمة معناه للمورد لأنه قريب المعنى من الخالق والموجد، من برأ يبرأ براءً إذا فصل لأنه يفصل الخلق من العَدم أو الإِنسان من الأرض، فكأنه تعالى يقول هذه التوبة وقتلكم أنفسكم وإن كان أشق ما يكون من الأوامر لكن الله الذي أمركم بهذا الفناء والزوال بالقتل هو الذي برأكم فالذي أحب وجودكم وهو خير لكم هو يحب الآن حلول القتل عليكم فهو خير لكم وكيف لا يحب خيركم وقد برأكم، فاختيار لفظ البارئ بإضافته إليهم في قوله { إلى بارئكم } ، وقوله { عند بارئكم } للاشعار بالاختصاص لإِثارة المحبة. قوله تعالى { ذلكم خير لكم عند بارئكم } ، ظاهر الآية وما تقدمها أن هذه الخطابات وما وقع فيها من عد أنواع تعدياتهم ومعاصيهم إنما نسبت إلى الكل مع كونها صادرة عن البعض لكونهم جامعة ذات قومية واحدة يرضى بعضهم بفعل بعض، وينسب فعل بعضهم إلى آخرين. لمكان الوحدة الموجودة فيهم، فما كل بنى إسرائيل عبدوا العجل، ولا كلهم قتلوا الأنبياء إلى غير ذلك من معاصيهم وعلى هذا فقوله تعالى { فاقتلوا أنفسكم } ، إنما يعني به قتل البعض وهم الذين عبدوا العجل كما يدل عليه أيضاً قوله تعالى { إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل } ، وقوله تعالى { ذلكم خير لكم عند بارئكم } ، تتمة الحكاية من قول موسى كما هو الظاهر، وقوله تعالى { فتاب عليكم } ، يدل على نزول التوبة وقبولها، وقد وردت الرواية أن التوبة نزلت ولما يقتل جميع المجرمين منهم. ومن هنا يظهر أن الأمر كان أمراً إمتحانياً نظير ما وقع في قصة رؤيا إبراهيم عليه السلام وذبح إسماعيليا إبراهيم قد صدقت الرؤيا } الصافات 105، فقد ذكر موسى عليه السلام { فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم } ، وأمضى الله سبحانه قوله عليه السلام وجعل قتل البعض قتلاً للكل وأنزل التوبة بقوله { فتاب عليكم }.

السابقالتالي
2 3