الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } * { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } * { فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً } * { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } * { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } * { لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } * { وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً } * { لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً } * { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً } * { أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } * { وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } * { إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً } * { لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً } * { وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَرْداً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً }

بيان هذا هو الفصل الثالث مما نقل عنهم وهو شركهم بالله باتخاذ الآلهة وقولهم { اتخذ الله ولداً } سبحانه والجواب عن ذلك. قوله تعالى { واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عِزّاً } هؤلاء الآلهة هم الملائكة والجنّ والقدِّيسون من الإِنس وجبابرة الملوك فإن أكثرهم كانوا يرون الملك قداسة سماوية. ومعنى كونهم لهم عزاً كونهم شفعاء لهم يقرّبونهم إلى الله بالشفاعة فينالون بذلك العزة في الدنيا ينجرُّ إليهم الخير ولا يمسّهم الشر، ومن فسّر كونهم لهم عزاً بشفاعتهم لهم في الآخرة خفي عليه أن المشركين لا يقولون بالبعث. قوله تعالى { كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً } الضد بحسب اللغة المنافي الذي لا يجتمع مع الشيء، وعن الأخفش أن الضد يطلق على الواحد والجمع كالرسول والعدو وأنكر ذلك بعضهم ووجه إطلاق الضد في الآية وهو مفرد على الآلهة وهي جمع بأنها لما كانت متفقة في عداوة هؤلاء والكفر بعبادتهم كانت في حكم الواحد وصح بذلك إطلاق المفرد عليها. وظاهر السياق أن ضميري { سيكفرون } و { يكونون } للآلهة وضميري { بعبادتهم } و { عليهم } للمشركين المتخذين للآلهة والمعنى سيكفر الآلهة بعبادة هؤلاء المشركين ويكون الآلهة حال كونهم على المشركين لا لهم، ضداً لهم يعادونهم ولو كانوا لهم عزاً لثبتوا على ذلك دائماً وقد وقع ذلك في قوله تعالىوإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون } النحل 86. وأوضح منه قولهوالذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم } فاطر 13-14. وربما احتمل أن يكون بالعكس من ذلك أي سيكفر المشركون بعبادة الآلهة ويكونون على الآلهة ضداً كما في قولهثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين } الأنعام 23، ويبعّده أن ظاهر السياق أن يكون { ضداً } وقد قوبل به { عزاً } في الآية السابقة، وصفاً للآلهة دون المشركين ولازم ذلك أن يكون الآلهة الذين هم الضد هم الكافرين بعبادة المشركين نظراً إلى خصوص ترتب الضمائر. على أن التعبير المناسب لهذا المعنى أن يقال سيكفرون بهم على حد ما يقال كفر بالله، ولا يقال كفر بعبادة الله. والمراد بكفر الآلهة يوم القيامة بعبادتهم وكونهم عليهم ضداً هو ظهور حقيقة الأمر يومئذ فإن شأن يوم القيامة ظهور الحقائق فيه لأهل الجمع لا حدوثها ولو لم تكن الآلهة كافرين بعبادتهم في الدنيا ولا عليهم ضداً بل بدا لهم ذلك يوم القيامة لم تتم حجة الآية فافهم ذلك، وعلى هذا المعنى يترتب قوله { ألم ترَ } على قوله { كلا سيكفرون بعبادتهم } الخ.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7