الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } * { إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } * { فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً } * { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً } * { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } * { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً } * { هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } * { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً } * { وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً } * { وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ ٱليَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِٱلوَصِيدِ لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً } * { وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً } * { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذاً أَبَداً } * { وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُواْ ٱبْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً } * { سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِٱلْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِّنْهُمْ أَحَداً } * { وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً } * { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً } * { وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً } * { قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً }

بيان الآيات تذكر قصة أصحاب الكهف وهي أحد الأُمور الثلاثة التي أشار اليهود على قريش أن تسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها وتختبر بها صدقه في دعوى النبوة قصة أصحاب الكهف وقصة موسى وفتاه وقصة ذي القرنين على ما وردت به الرواية غير أن هذه القصة لم تصدر بما يدل على تعلق السؤال بها كما صدرت به قصة ذي القرنين { يسألونك عن ذي القرنين } الآية وإن كان في آخرها بعض ما يشعر بذلك كقوله { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً } على ما سيجيء. وسياق الآيات الثلاث التي افتتحت بها القصة مشعر بأن قصة الكهف كانت معلومة إجمالاً قبل نزول الوحي بذكر القصة وخاصة سياق قوله { أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً } وأن الذي كشف عنه الوحي تفصيل قصتهم الآخذ من قوله { نحن نقص عليك نبأهم بالحق } إلى آخر الآيات. ووجه اتصال آيات القصة بما تقدم أنه يشير بذكر قصتهم ونفي كونهم عجباً من آيات الله أن أمر جعله تعالى ما على ارض زينة لها يتعلق بها الإِنسان ويطمئن إِليها مكباً عليها منصرفاً غافلاً عن غيرها لغرض البلاء والامتحان ثم جعل ما عليها بعد أيام قلائل صعيداً جرزاً لا يظهر للإنسان إلا سدى وسراباً ليس ذلك كله إلا آية إلهية هي نظيرة ما جرى على أصحاب الكهف حين سلط الله عليهم النوم في فجوة من الكهف ثلاث مائة سنين شمسية ثم لما بعثهم لم يحسبوا مكثهم ذلك إلا مكث يوم أو بعض يوم. فمكث كل إنسان في الدنيا واشتغاله بزخارفها وزيناتها وتولهه إليها ذاهلاً عما سواها آية تضاهي في معناها آية أصحاب الكهف وسيبعث الله الناس من هذه الرقدة فيسألهمكم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم } المؤمنون 114كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار } الأحقاف 35 فما آية أصحاب الكهف ببدع عجيب من بين الآيات بل هي متكررة جارية ما جرت الأيام والليالي على الإِنسان. فكأنه تعالى لما قال { فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً } إلى تمام ثلاث آيات قال مخاطباً لنبيه فكأنك ما تنبهت أن اشتغالهم بالدنيا وعدم إيمانهم بهذا الحديث عن تعلقهم بزينة الأرض آية إلهية تشابه آية مكث أصحاب الكهف في كهفهم ثم انبعاثهم ولذلك حزنت وكدت تقتل نفسك أسفاً بل حسبت أن أصحاب الكهف كانوا من آياتنا بدعاً عجباً من النوادر في هذا الباب. وإنما لم يصرح بهذا المعنى صوناً لمقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن نسبة الغفلة والذهول إليه ولأن الكناية أبلغ من التصريح.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد