الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً }

بيان الآية خاتمة السورة وتلخص غرض البيان فيها وقد جمعت أصول الدين الثلاثة وهي التوحيد والنبوة والمعاد فالتوحيد ما في قوله { أنما إلهكم إله واحد } والنبوة ما في قوله { إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي } وقوله { فليعمل عملاً صالحاً } الخ والمعاد ما في قوله { فمن كان يرجوا لقاء ربه }. قوله تعالى { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد } القصر الأول قصره صلى الله عليه وآله وسلم في البشرية المماثلة لبشرية الناس لا يزيد عليهم بشيء ولا يدعيه لنفسه قبال ما كانوا يزعمون أنه إذا ادعى النبوة فقد ادعى كينونة إلهية وقدرة غيبية ولذا كانوا يقترحون عليه بما لا يعلمه إلا الله ولا يقدر عليه إلا الله لكنه صلى الله عليه وآله وسلم نفى ذلك كله بأمر الله عن نفسه ولم يثبت لنفسه إلا أنه يوحى إليه. والقصر الثاني قصر الإِله الذي هو إلههم في إله واحد وهو التوحيد الناطق بأن إله الكل إله واحد. وقوله { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل } الخ مشتمل على إجمال الدعوة الدينية وهو العمل الصالح لوجه الله وحده لا شريك له وقد فرعه على رجاء لقاء الرب تعالى وهو الرجوع إليه إذ لولا الحساب والجزاء لم يكن للأخذ بالدين والتلبس بالاعتقاد والعمل موجب يدعو إليه كما قال تعالىإن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب } ص 26. وقد رتب على الاعتقاد بالمعاد العمل الصالح وعدم الإِشراك بعبادة الرب لأن الاعتقاد بالوحدانية مع الاشتراك في العمل متناقضان لا يجتمعان فالإِله تعالى لو كان واحداً فهو واحد في جميع صفاته ومنها المعبودية لا شريك له فيها. وقد رتب الأخذ بالدين على رجاء المعاد دون القطع به لأن احتماله كاف في وجوب التحذر منه لوجوب دفع الضرر المحتمل، وربما قيل إن المراد باللقاء لقاء الكرامة وهو مرجو لا مقطوع به. وقد فرغ رجاء لقاء الله على قوله { أنما إلهكم إله واحد } لأن رجوع العباد إلى الله سبحانه من تمام معنى الألوهية فله تعالى كل كمال مطلوب وكل وصف جميل ومنها فعل الحق والحكم بالعدل وهما يقتضيان رجوع عباده إليه والقضاء بينهم قال تعالىوما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار } ص 27-28. بحث روائي في الدر المنثور أخرج ابن مندة وأبو نعيم في الصحابة وابن عساكر من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال كان جندب بن زهير إذا صلى أو صام أو تصدق فذكر بخير ارتاح له فزاد في ذلك لمقالة الناس فلامه الله فنزل في ذلك { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً }.

السابقالتالي
2