الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً } * { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } * { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } * { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً } * { تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } * { وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً } * { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَٰرِهِمْ نُفُوراً } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } * { ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } * { وَقَالُوۤاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } * { قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } * { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } * { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً } * { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } * { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً }

بيان في الآيات تعقيب مسألة التوحيد وتوبيخ المشركين على اتخاذهم الآلهة ونسبة الملائكة الكرام إلى الأنوثية، وأنهم لا يتذكرون بما يلقي إليهم القرآن من حجج الوحدانية، ولا يفقهون الآيات بل يستهزؤون بالرسول وبما يلقي إليهم من أمر البعث ويسيئون القول في أمر الله وغير ذلك. قوله تعالى { أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً إنكم لتقولون قولاً عظيماً } الإِصفاء الإِخلاص قال في المجمع تقول أصفيت فلاناً بالشيء إذا آثرته به. انتهى. خطاب لمن يقول منهم إن الملائكة بنات الله أو بعضهم بنات الله والاستفهام للإِنكار، ولعله بدل البنات من الاناث لكونهم يعدون الأُنوثة من صفات الخسة. والمعنى إذا كان سبحانه ربكم لا رب غيره وهو الذي يتولى أمر كل شيء فهل تقولون أنه آثركم بكرامة لم يتكرم به هو نفسه وهو أنه خصكم بالبنين ولم يتخذ لنفسه من الولد إلا الإِناث وهم الملائكة الكرام الذين تزعمون أنهم إناث إنكم لتقولون قولاً عظيماً من حيث استتباعه التبعه السيئة. قوله تعالى { ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفوراً } قال في المفردات الصرف رد الشيء من حالة إلى حالة أو إبداله بغيره. قال والتصريف كالصرف إلا في التكثير، وأكثر ما يُقال في صرف الشيء من حالة إلى حالة ومن أمر إلى أمر، وتصريف الرياح هو صرفها من حال إلى حال قال تعالى { وصرفنا الآيات } { وصرفنا فيه من الوعيد } ومنه تصريف الكرم وتصريف الدراهم. انتهى. وقال النفر الانزعاج من الشيء وإلى الشيء كالفزع إلى الشيء وعن الشيء يقال نفر عن الشيء نفوراً قال تعالى { ما زادهم إلا نفوراً } { وما يزيدهم إلا نفوراً } انتهى. فقوله { ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا } معناه بشهادة السياق وأقسم لقد رددنا الكلام معهم في أمر التوحيد ونفي الشريك من وجه إلى وجه وحولناه من لحن إلى لحن في هذا القرآن فأوردناه بمختلف العبارات وبيناه بأقسام البيانات ليتذكروا ويتبين لهم الحق. وقوله { فما يزيدهم إلا نفوراً } أي ما يزيدهم التصريف إلا انزعاجاً كلما استؤنف جيء ببيان جديد أورثهم نفره جديدة. وفي الآية التفات من الخطاب إلى الغيبه تنبيهاً على أنهم غير صالحين للخطاب والتكليم بعد ما كان حالهم هذا الحال. قال في المجمع فإن قيل إذا كان المعلوم أنهم يزدادون النفور عند إنزال القرآن فما المعنى في إنزاله؟ وما وجه الحكمه فيه؟. قيل الحكمة فيه إلزام الحجه وقطع المعذرة في إظهار الدلائل التي تحسن التكليف، وأنه يصلح عند إنزاله جماعه ما كانوا يصلحون عند عدم إنزاله، ولو لم ينزل لكان هؤلاء الذين ينفرون عن الإِيمان يفسدون بفساد أعظم من هذا النفور فالحكمه اقتضت إنزاله لهذه المعاني، وإنما ازدادوا نفوراً عند مشاهدة الآيات والدلائل لاعتقادهم أنها شبه وحيل وقلة تفكرهم فيها.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد