الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَآءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يٰمُوسَىٰ مَسْحُوراً } * { قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰؤُلاۤءِ إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يٰفِرْعَونُ مَثْبُوراً } * { فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً } * { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } * { وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً } * { وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً } * { قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً } * { وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً } * { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } * { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } * { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }

بيان في الآيات تنظير ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من معجزة النبوة وهو القرآن وإعراض المشركين عنه واقتراحهم آيات أُخرى جزافيه بما جاء به موسى عليه السلام من آيات النبوة وإعراض فرعون عنها ورميه إياه بأنه مسحور ثم عود إلى وصف القرآن والسبب في نزوله مفرقة أجزاؤه وما يلحق بها من المعارف. قوله تعالى { ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فسئل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحوراً } الذي أُوتي موسى عليه السلام من الآيات على ما يقصه القرآن أكثر من تسع غير أن الآيات التي أتى بها لدعوة فرعون فيما يذكره القرآن تسع وهي العصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفدع والدم والسنون ونقص من الثمرات فالظاهر أنها هي المرادة بالآيات التسع المذكورة في الآية وخاصة مع ما فيها من محكى قول موسى لفرعون { لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر } وأما غير هذه الآيات كالبحر والحجر وإحياء المقتول بالبقرة وإحياء من أخذته الصاعقة من قومه ونتق الجبل فوقهم وغير ذلك فهي خارجة عن هذه التسع المذكورة في الآية. ولا ينافي ذلك كون الآيات إنما ظهرت تدريجاً فإن هذه المحاورة مستخرجة من مجموع ما تخاصم به موسى وفرعون طول دعوته. فلا عبرة بما ذكره بعض المفسرين مخالفاً لما عددناه لعدم شاهد عليه وفي التوراة أن التسع هي العصا والدم والضفادع والقمل وموت البهائم وبرد كنار أنزل مع نار مضطرمة أهلكت ما مرت به من نبات وحيوان والجراد والظلمة وموت عم كبار الآدميين وجميع الحيوانات. ولعل مخالفة التوراة لظاهر القرآن في الآيات التسع هي الموجبة لترك تفصيل الآيات التسع في الآية ليستقيم الأمر بالسؤال من اليهود لأنهم مع صريح المخالفة لم يكونوا ليصدقوا القرآن بل كانوا يبادرون إلى التكذيب قبل التصديق. وقوله { إني لأظنك يا موسى مسحوراً } أي سحرت فاختل عقلك وهذا في معنى قوله المنقول في موضع آخرإن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون } الشعراء 27 وقيل المراد بالمسحور الساحر نظير الميمون والمشؤوم بمعنى اليامن والشائم وأصله استعمال وزن الفاعل في النسبة ومعنى الآية ظاهر. قوله تعالى { قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبوراً } المثبور الهالك وهو من الثبور بمعنى الهلاك، والمعنى قال موسى مخاطباً لفرعون لقد علمت يا فرعون ما أنزل هؤلاء الآيات البينات إلا رب السماوات والأرض أنزلها بصائر يتبصر بها لتمييز الحق من الباطل وإني لأظنك يا فرعون هالكاً بالآخرة لعنادك وجحودك. وإنما أخذ الظن دون اليقين لأن الحكم لله وليوافق ما في كلام فرعون { وإني لأظنك يا موسى } الخ ومن الظن ما يستعمل في مورد اليقين.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد