الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ }

بيان السورة تتعرض لأمر توحيده تعالى عن الشريك مطلقاً ومع ذلك يغلب فيها جانب التسبيح على جانب التحميد كما بدأت به فقيل { سبحان الذي أسرى بعبده } الآية، وكرر ذلك فيها مرة بعد مرة كقوله { سبحانه وتعالى عما يقولون } الآية 43 وقولة { قل سبحان ربي } الآية 93، وقوله { ويقولون سبحان ربنا } الآية 108 حتى أن الآية الخاتمة للسورة { وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيراً } تحمد الله على تنزهه عن الشريك والولي واتخاذ الولد. والسورة مكية لشهادة مضامين آياتها بذلك، وعن بعضهم كما في روح المعاني استثناء آيتين منها وهما قوله { وان كادوا ليفتنونك } الآية وقوله { وان كادوا ليستفزونك } الآية، وعن بعضهم إلا أربع آيات وهي الآيتان المذكورتان وقوله { واذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس } الآية، وقوله { وقل رب أدخلني مدخل صدق } الآية. وعن الحسن أنها مكية إلا خمس آيات منها وهي قوله { ولا تقتلوا النفس } الآية { ولا تقربوا الزنا } الآية { أولئك الذين يدعون } { أقم الصلاة } { وآت ذا القربى } الآية. وعن مقاتل مكية إلا خمس { وان كادوا ليفتنونك } الآية { وان كادوا ليستفزونك } الآية { وإذ قلنا لك } الآية { وقل رب أدخلني } الآية { إن الذين أوتوا العلم من قبله } الآية. وعن قتادة والمعدل عن ابن عباس مكيه إلا ثماني آيات وهي قوله { وإن كادوا ليفتنونك } الآية إلى قوله { وقل رب أدخلني مدخل صدق } الآية. ولا دلالة في مضامين الآيات على كونها مدنية ولا الأحكام المذكورة فيها مما يختص نزولاً بالمدينة وقد نزلت نظائرها في السور المكية كالأنعام والأعراف. وقد افتتحت السورة فيما ترومه من التسبيح بالإِشارة إلى معراج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر اسراؤه صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهو بيت المقدس والهيكل الذي بناه داود وسليمان عليهما السلام وقدسه الله لبني إسرائيل. ثم سبق الكلام بالمناسبة إلى ما قدره الله لمجتمع بني إسرائيل من الرقي والانحطاط والعزة والذلة فكلما أطاعوا رفعهم الله وكلما عصوا خفضهم الله، وقد أنزل عليهم الكتاب وأمرهم بالتوحيد ونفي الشريك. ثم عطف فيها الكلام على حال هذه الأُمة وما أُنزل عليهم من الكتاب بما يشاكل حال بني إسرائيل وأنهم إن أطاعوا أُثيبوا وإن عصوا عوقبوا فإنما هي الأعمال يعامل الإِنسان بما عمل منها وعلى ذلك جرت السنة الإِلهية في الأمم الماضين. ثم ذكرت فيها حقائق جمة من المعارف الراجعة إلى المبدأ والمعاد والشرائع العامة من الأوامر والنواهي وغير ذلك. ومن غرر الآيات فيها قوله تعالى { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى } الآية 110 من السورة، وقوله { وكلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً } الآية 20 منها، وقوله { وإن من قرية إلا نحن مهلكوها } الآية 58 منها وغير ذلك.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد