الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } * { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } * { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } * { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ } * { مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } * { وَقَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } * { لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِٱلْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ } * { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }

بيان تشتمل السورة على الكلام حول استهزاء الكفار بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ورميه بالجنون ورمي القرآن الكريم بأنه من أهذار المجانين ففيها تعزية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمره بالصبر والثبات والصفح عنهم وتطييب لنفسه الشريفة وإنذار وتبشير. وهي مكية على ما تشهد به آياتها، ونقل في المجمع عن الحسن استثناء قوله { ولقد آتيناك سبعاً من المثاني } الآية، وقوله { كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين } وسيأتي ما فيه. وتشتمل السورة على قوله تعالى { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين } الخ، والآية تقبل الانطباق على ما ضبطه التاريخ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اكتتم في أول البعثة ثلاث سنين أو أربعاً أو خمساً لا يعلن دعوته لاشتداد الأمر عليه فكان لا يدعو إلا آحاداً ممن يرجو منهم الإِيمان يدعوهم خفية ويسرّ إليهم الدعوة حتى أذن له ربه في ذلك وأمره أن يعلن دعوته. وتؤيده الروايات المأثورة من طرق الشيعة وأهل السنة أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يكتتم في أول بعثته سنين لا يظهر فيها دعوته لعامة الناس حتى أنزل الله تعالى عليه { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين } فخرج إلى الناس وأظهر الدعوة، وعليه فالسورة مكية نازلة في أول الدعوة العلنية. ومن غرر الآيات القرآنية المشتملة على حقائق جمة في السورة قوله تعالى { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه } الآية، وقوله { إنا نحن نزّلنا الذكر وإنا له لحافظون }. قوله تعالى { الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين } الإِشارة إلى الآيات الكريمة القرآنية فالمراد بالكتاب القرآن، وتنكير القرآن للدلالة على عظم شأنه وفخامة أمره كما أن التعبير بتلك وهي للإِشارة إلى البعيد لذلك. والمعنى هذه الآيات العالية منزلة الرفيعة درجة التي ننزلها إليك آيات الكتاب الإِلهي وآيات قرآن عظيم الشأن فاصل بين الحق والباطل على خلاف ما يرميها به الكفار بما يرمونك بالجنَّة مستهزئين بكلام الله. ومن الممكن أن يراد بالكتاب اللوح المحفوظ فإن القرآن منه وفيه، قال تعالىإنه لقرآن كريم في كتاب مكنون } الواقعة 77ـ78، وقالبل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ } البروج 21ـ22، فيكون قوله { تلك آيات الكتاب وقرآن مبين } كالملخص من قولهوالكتاب المبين إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون وإنه في أُمّ الكتاب لدينا لعلي حكيم } الزخرف 2ـ4. قوله تعالى { ربما يودّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين } توطئة لما سيتعرض له من قولهم للنبي { يا أيها الذي نزّل عليه الذكر إنك لمجنون } يشير به إلى أنهم سيندمون على ما هم عليه من الكفر ويتمنون الإِسلام لله والإِيمان بكتابه يوم لا سبيل لهم إلى تحصيل ذلك.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد