الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ } * { كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ } * { وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } * { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } * { أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } * { لَّهُمْ عَذَابٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } * { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَىٰ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّعُقْبَى ٱلْكَافِرِينَ ٱلنَّارُ }

بيان عود ثان إلى قول الكفار { لولا أُنزل عليه آية من ربه } نراها فنهتدي بها ونعدل بذلك عن الشرك إلى الإِيمان ويجيب تعالى عنه بأن الهدى والضلال ليس شيء منهما إلى ما ينزل من آية بل إن ذلك إليه تعالى يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وقد جرت السنة الالهية على هداية من أناب إليه وكان له قلب يطمئن إلى ذكره وأُولئك لهم حسن المآب وعقبى الدار. وإضلال من كفر بآياته الواضحة وأولئك لهم عذاب في الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من دون الله من واق. وإن الله أنزل عليهم آية معجزة مثل القرآن لو أمكنت هداية أحد من غير مشيئة الله لكانت به لكن الأمر إلى الله وهو سبحانه لا يريد هداية من كتب عليهم الضلال من أهل الكفر والمكر ومن يضلل الله فما له من هاد. قوله تعالى { ويقول الذين كفروا لولا أُنزل عليه آية من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب } عود إلى قول الكفار { لولا أُنزل عليه آية من ربه } وإنما أرادوا به أنه لو أُنزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم آية من ربه لاهتدوا به واستجابوا له وهم لا يعدون القرآن النازل إليه آية. والدليل على إرادتهم هذا المعنى قوله بعده { قل إن الله يضل من يشاء } الخ وقوله بعد { ولو أن قرآناً سيرت به الجبال } إلى قوله { بل لله الأمر جميعاً } وقوله بعد { وصدوا عن السبيل } إلى آخر الآية. فأجاب تعالى عن قولهم بقوله آمراً نبيه أن يلقيه إليهم { قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب } فأفاد أن الأمر ليس إلى الآية حتى يهتدوا بنزولها ويضلوا بعدم نزولها بل أمر الإِضلال والهداية إلى الله سبحانه يضل من يشاء ويهدى من يشاء. ولما لم يؤمن أن يتوهموا منه أن الأمر يدور مدار مشيئة جزافية غير منتظمة أشار إلى دفعه بتبديل قولنا ويهدي إليه من يشاء من قوله { ويهدي إليه من أناب } فبين أن الأمر إلى مشيئة الله تعالى جارية على سنة دائمة ونظام متقن مستمر وذلك أنه تعالى يشاء هداية من أناب ورجع إليه ويضل من أعرض ولم ينب فمن تلبس بصفة الإِنابة والرجوع إلى الحق ولم يتقيد بأغلال الأهواء هداه الله بهذه الدعوة الحقة ومن كان دون ذلك ضل عن الطريق وإن كان مستقيماً ولم تنفعه الآيات وإن كانت معجزة وما تغن الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون. ومن هنا يظهر أن قوله { إن الله يضل } الخ، على تقدير إن الله يضل بمشيئته من لم ينب إليه ويهدي إليه بمشيئته من أناب إليه.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد