الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } * { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } * { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ } * { سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ } * { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ } * { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَٰدِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ } * { لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } * { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } * { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ قُلْ أَفَٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي ٱلظُّلُمَاتُ وَٱلنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ ٱلْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ ٱللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ }

بيان تتعرض الآيات لقولهم { لولا أُنزل عليه آية من ربه } وترده عليهم أن الرسول ليس له إلا أنه منذر أرسله الله على سنة الهداية إلى الحق ثم تسوق الكلام فيما يعقبه. قوله تعالى { ويقول الذين كفروا لولا أُنزل عليه آية من ربه } إلى آخر الآية ليس المراد بهذه الآية الآية القاضية بين الحق والباطل المهلكة للأُمة وهي المذكورة في الآية السابقة بقوله { ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة } بأن يكون تكراراً لها وذلك لعدم إعانة السياق على ذلك، ولو أُريد ذلك لكان من حق الكلام أن يقال ويقولون لولا " الخ ". بل المراد أنهم يقترحون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم آية أُخرى غير القرآن تدل على صدقه في دعوى الرسالة وكانوا يحقرون أمر القرآن الكريم ولا يعبأون به ويسألون آية أُخرى معجزة كما أُوتي موسى وعيسى وغيرهما عليهم السلام فكان في قولهم { لولا أُنزل عليه آية } تعريض منهم للقرآن. وأما قوله { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد } فإعطاء جواب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي توجيه الخطاب إليه دونهم وعدم أمره أن يبلغ الجواب إياهم تعريض لهم أنهم لا يستحقون جواباً لعدم فقههم به وفقدهم القدر اللازم من العقل والفهم وذلك أن اقتراحهم الآية مبني على زعمهم - كما يدل عليه كثير مما حكى عنهم القرآن في هذا الباب - على أن من الواجب أن يكون للرسول قدرة غيبية مطلقة على كل ما يريد فله أن يوجد ما أراد وعليه أن يوجد ما أُريد منه. والحال أن الرسول ليس إلا بشراً مثلهم أرسله الله إليهم لينذرهم عذاب الله ويحذرهم أن يستكبروا عن عبادته ويفسدوا في الأرض بناء على السنة الإِلهية الجارية في خلقه أنه يهدي كل شيء إلى كماله المطلوب ويدل عباده على ما فيه صلاح معاشهم ومعادهم. فالرسول بما هو رسول بشر مثلهم لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً وليس عليه إلا تبليغ رسالة ربه وأما الآيات فأمرها إلى الله ينزلها إن شاء وكيف شاء فاقتراحها على الرسول جهل محض. فالمعنى إنهم يقترحون عليك آية - وعندهم القرآن أفضل آية - وليس إليك شيء من ذلك وإنما أنت هاد تهديهم من طريق الإِنذار وقد جرت سنة الله في عباده أن يبعث في كل قوم هادياً يهديهم. والآية تدل على أن الأرض لا تخلو من هاد يهدي الناس إلى الحق إما نبي منذر وإما هاد غيره يهدي بأمر الله وقد مر بعض ما يتعلق بالمقام في أبحاث النبوة في الجزء الثاني وفي أبحاث الإِمامة في الجزء الأول من الكتاب.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد