الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } * { وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ ٱلْقَدِيمِ } * { فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَٱرْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { قَالُواْ يٰأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ } * { قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ } * { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ ٱلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ } * { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ }

بيان ختام قصة يوسف عليه السلام وتتضمن الآيات أمر يوسف إخوته بحمل قميصه إلى أبيه وإتيانهم بأهلهم أجمعين ثم دخولهم مصر ولقاؤه أبويه. قوله تعالى { اذهبوا بقميصي هذا وألقوه على وجه أبي يأت بصيراً وأتوني بأهلكم أجمعين } تتمة كلام يوسف عليه السلام يأمر فيه إخوته أن يذهبوا بقميصه إلى أبيه فيلقوه على وجهه ليشفي الله به عينيه ويأتي بصيراً بعدما صار من كثرة الحزن والبكاء ضريراً لا يبصر. وهذا آخر العنايات البديعة التي أظهرها الله سبحانه في حق يوسف عليه السلام على ما يقصه في هذه السورة مما غلب الله الأسباب فحولها إلى خلاف الجهة التي كانت تجري إليها حسده إخوته فاستذلوه وغربوه عن مستقره بالقائه في الجب وبيعه من السيارة بثمن بخس فجعل الله سبحانه هذا السبب بعينه سبباً لقراره في بيت عزيز مصر في أكرم مثوى ثم أقره في أريكة عزة تضرع إليه أمامها إخوته بقولهم { يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين }. ثم أحبته امرأة العزيز ونسوة مصر فراودنه عن نفسه ليوردنه في مهلكة الفجور فحفظه الله وجعل ذلك سبباً لظهور براءة ساحته وكمال عفته، ثم استذلوه فسجنوه فجعله الله سبباً لعزته وملكه. وجاء إخوته إلى أبيه يوم ألقوه في غيابة الجب بقميصه الملطخ بالدم فأخبروه بموته كذباً فكان القميص سبباً لحزن أبيه وبكائه في فراق ابنه حتى ابيضت عيناه وذهب بصره فرد الله سبحانه به بصره إليه وبالجملة اجتمعت الأسباب على خفضه وأراد الله سبحانه رفعه فكان ما أراد الله دون الذي توجهت إليه الأسباب والله غالب على أمره. وقوله { وأتوني بأهلكم أجمعين } أمر منه بانتقال بيت يعقوب من يعقوب وأهله وبنيه وذراريه جميعاً من البدو إلى مصر ونزولهم بها. قوله تعالى { ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون } الفصل القطع والانقطاع والتفنيد تفعيل من الفند بفتحتين وهو ضعف الرأي، والمعنى لما خرجت العير الحاملة لقميص يوسف من مصر وانقطعت عنها قال أبوهم يعقوب لمن عنده من بنيه إني لأجد ريح يوسف لولا أن ترموني بضعف الرأي إني لأحس بريحه وأرى أن اللقاء قريب ومن حقه أن تذعنوا بما أجده لولا أن تخطئوني لكن من المحتمل أن تفندوني فلا تذعنوا بقولي. قوله تعالى { قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم } القديم مقابل الجديد والمراد به المتقدم وجوداً، وهذا ما واجهه به بعض بنيه الحاضرين عنده، وهو من سيئ حظهم في هذه القصة تفوّهوا بمثله في بدء القصة إذ قالوا { إن أبانا لفي ضلال مبين } وفي ختمها وهو قولهم هذا { تالله إنك لفي ضلالك القديم }.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد