الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } * { وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ٱئْتُونِي بِأَخٍ لَّكُمْ مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّيۤ أُوفِي ٱلْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ ٱلْمُنْزِلِينَ } * { فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ } * { قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } * { وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا ٱنْقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

بيان فصل آخر مختار من قصة يوسف عليه السلام يذكر الله تعالى فيه مجيئ إخوته إليه في خلال سني الجدب لاشتراء الطعام لبيت يعقوب، وكان ذلك مقدمة لضم يوسف عليه السلام أخاه من أُمه - وهو المحسود المذكور في قوله تعالى حكاية عن الإِخوة ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة - إليه ثم تعريفهم نفسه ونقل بيت يعقوب عليه السلام من البدو إلى مصر. وإنما لم يعرفهم نفسه ابتداء لأنه أراد أن يلحق أخاه من أُمه إلى نفسه ويري إخوته من أبيه عند تعريفهم نفسه صنع الله بهما ومنَّ الله عليهما إثر تقواهما وصبرهما على ما آذوهما عن الحسد والبغي ثم يشخصهم جميعاً، والآيات الخمس تتضمن قصة دخولهم مصر واقتراحه أن يأتوا بأخيهم من أبيهم إليه إن عادوا إلى اشتراء الطعام والميرة وتقبلهم ذلك. قوله تعالى { وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون } في الكلام حذف كثير وإنما ترك الاقتصاص له لعدم تعلق غرض هام به، وإنما الغرض بيان لحوق أخي يوسف من أُمه به وإشراكه معه في النعمة والمنّ الإِلهي ثم معرفتهم بيوسف ولحوق بيت يعقوب به فهو شطر مختار من قصته وما جرى عليه بعد عزة مصر. والذي جاء إليه من إخوته هم العصبة ما خلا أخيه من أُمه فان يعقوب عليه السلام كان يأنس به ولا يخلي بينه وبينهم بعد ما كان من أمر يوسف ما كان، والدليل على ذلك كله ما سيأتي من الآيات. وكان بين دخولهم هذا على أخيهم يوسف وبين انتصابه على خزائن الأرض وتقلده عزة مصر بعد الخروج من السجن أكثر من سبع سنين فإنهم إنما جاؤوا إليه في بعض السنين المجدبة وقد خلت السبع السنون المخصبة، ولم يروه منذ سلموه إلى السيارة يوم أُخرج من الجب وهو صبي وقد مر عليه سنون في بيت العزيز ولبث بضع سنين في السجن وتولى أمر الخزائن منذ أكثر من سبع سنين، وهو اليوم في زي عزيز مصر لا يظن به أنه رجل عبري من غير القبط، وهذا كله صرفهم عن أن يظنوا به أنه أخوهم ويعرفوه لكنه عرفهم بكياسته أو بفراسة النبوة كما قال تعالى { وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون }. قوله تعالى { ولما جهّزهم بجهازهم قال ائتونى بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أُوفي الكيل وأنا خير المنزلين } قال الراغب في المفردات الجهاز ما يعد من متاع وغيره، والتجهيز حمل ذلك أو بعثه. انتهى. فالمعنى ولما حملهم ما أعد لهم من الجهاز والطعام الذي باعه منهم أمرهم بأن يأتوا إليه بأخ لهم من أبيهم وقال ائتونى " الخ ".

السابقالتالي
2