الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلْمَلِكُ إِنِّيۤ أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ } * { قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ ٱلأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ } * { يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّيۤ أَرْجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } * { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ } * { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ } * { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } * { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ } * { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } * { قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } * { وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ }

بيان تتضمن الآيات قصة خروجه عليه السلام من السجن ونيله عزة مصر والأسباب المؤدية إلى ذلك، وفيها تحقيق الملك ثانياً في اتهامه وظهور براءته التام. قوله تعالى { وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف } إلى آخر الآية. رؤيا للملك يخبر بها الملأ والدليل عليه قوله { يا أيها الملا أفتوني في رؤياي } وقوله { إني أرى } حكاية حال ماضية، ومن المحتمل أنها كانت رؤيا متكررة كما يحتمل مثله في قوله سابقاً { إني أراني أعصر خمراً } { إني أرانى أحمل } الخ. والسمان جمع سمينة والعجاف جمع عجفاء بمعنى المهزولة، قال في المجتمع ولا يجمع فعلاء على فعال غير العجفاء على عجاف والقياس في جمعه العجف بضم العين وسكون الجيم كالحمراء والخضراء والبيضاء على حمر وخضر وبيض، وقال غيره إن ذلك من قبيل الإِتباع والجمع القياسي عجف. والإِفتاء إفعال من الفتوى والفتيا، قال في المجمع الفتيا الجواب عن حكم المعنى وقد يكون الجواب عن نفس المعنى فلا يكون فتيا انتهى. وقوله { تعبرون } من العبر وهو بيان تأويل الرؤيا وقد يسمى تعبيراً، وهو على أي حال مأخوذ من عبور النهر ونحوه كأن العابر يعبر من الرؤيا إلى ما وراءها من التأويل، وهو حقيقة الأمر التي تمثلت لصاحب الرؤيا في صورة خاصة مألوفة له. قال في الكشاف في قوله { سبع بقرات سمان } الخ فإن قلت هل من فرق بين إيقاع سمان صفه للمميز وهو بقرات دون المميز وهو سبع وأن يقال سبع بقرات سماناً؟ قلت إذا أوقعتها صفة لبقرات فقد قصدت إلى أن تميز السبع بنوع من البقرات وهى السمان منهن لا بجنسهن، ولو وصفت بها السبع لقصدت إلى تمييز السبع بجنس البقرات لا بنوع منها ثم رجعت فوصفت المميز بالجنس بالسمن. فان قلت هلا قيل سبع عجاف على الإِضافة؟ قلت التمييز موضوع لبيان الجنس والعجاف وصف لا يقع البيان به وحده فإن قلت فقد يقال ثلاثة فرسان وخمسة أصحاب قلت الفارس والصاحب والراكب ونحوها صفات جرت مجرى الأسماء فأخذت حكمها وجاز فيها ما لم يجز في غيرها، ألا تراك لا تقول عندي ثلاثة ضخام وأربعة غلاظ انتهى. وقال أيضاً فإن قلت هل في الآية دليل على أن السنبلات اليابسة كانت سبعاً كالخضر؟ قلت الكلام مبني على انصبابه إلى هذا العدد في البقرات السمان والعجاف والسنابل الخضر فوجب أن يتناول معنى الأخر السبع، ويكون قوله { وأُخر يابسات } بمعنى وسبعاً أُخر. فإن قلت هل يجوز أن يعطف قوله { وأُخر يابسات } على { سنبلات خضر } فيكون مجرور المحل؟ قلت يؤدي إلى تدافع وهو أن عطفها على سنبلات خضر يقتضى أن يدخل في حكمها فيكون معها مميزاً للسبع المذكورة، ولفظ الأخر يقتضى أن يكون غير السبع بيانه أنك تقول عندي سبعة رجال قيام وقعود بالجر فيصح لأنك ميزت السبعة برجال موصوفين بقيام وقعود على أن بعضهم قيام وبعضهم قعود فلو قلت عنده سبعة رجال قيام وآخرين قعود تدافع ففسد.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد