الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } * { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } * { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ }

بيان إشارة إلى قصة موسى - الكليم - عليه السلام، وهو أكثر الأنبياء ذكراً في القرآن ذكر باسمه في مائة ونيّف وثلاثين موضعاً منه في بضع وثلاثين سورة وقد اعتني بتفصيل قصته أكثر من غيره غير أنه تعالى أجمل القول فيها في هذه السورة فاكتفى بالإِشارة الإِجمالية إليها. قوله تعالى { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين } الباء في قوله بآياتنا للمصاحبة أي ولقد أرسلنا موسى مصحوباً لآياتنا وذلك أن الذين بعثهم الله من الأنبياء والرسل وأيدهم بالآيات المعجزة طائفتان منهم من أُوتي الآية المعجزة على حسب ما اقترحه قومه كصالح عليه السلام المؤيد بآية الناقة، وطائفة أُيدوا بآية من الآيات في بدء بعثتهم كموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام، كما قال تعالى خطاباً لموسى عليه السلاماذهب أنت وأخوك بآياتي } طه 42، وقال في عيسى عليه السلامورسولاً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم } آل عمران 49 الخ، وقال في محمد صلى الله عليه وآله وسلمهو الذي أرسل رسوله بالهدى } التوبة 33، والهدى القرآن بدليل قولهذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين } البقرة 2، وقال تعالىواتّبعوا النور الذي أُنزل معه } الأعراف 157. فموسى عليه السلام مرسل مع آيات وسلطان مبين، وظاهر أن المراد بهذه الآيات الأُمور الخارقة التي كانت تجري على يده، ويدل على ذلك سياق قصصه عليه السلام في القرآن الكريم. وأما السلطان وهو البرهان والحجة القاطعة التي تتسلط على العقول والأفهام فيعم الآية المعجزة والحجة العقلية، وعلى تقدير كونه بهذا المعنى يكون عطفه على الآيات من قبيل عطف العامّ على الخاصّ. وليس من البعيد أن يكون المراد بإرساله بسلطان مبين أن الله سبحانه سلطه على الأوضاع الجارية بينه وبين آل فرعون ذاك الجبار الطاغي الذي ما ابتلي بمثله أحد من الرسل غير موسى عليه السلام لكنّ الله تعالى أظهر موسى عليه حتى أغرقه وجنوده ونجى بني إسرائيل بيده، ويشعر بهذا المعنى قولهقالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى } طه 45-46، وقوله لموسى عليه السلاملا تخف إنك أنت الأعلى } طه 68. وفي هذه الآية ونظائرها دلالة واضحة على أن رسالة موسى عليه السلام ما كانت تختصّ بقومه من بني إسرائيل بل كانت تعمّهم وغيرهم. قوله تعالى { إلى فرعون وملإِه فاتّبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد } نسبة رسالته إلى فرعون وملئه - والملأ هم أشراف القوم وعظماؤهم الذين يملؤن القلوب هيبة - دون جميع قومه لعلها للإِشارة إلى أن عامتهم لم يكونوا إلا أتباعاً لا رأي لهم إلا ما رآه لهم عظماؤهم. وقوله { فاتّبعوا أمر فرعون } الخ، الظاهر أن المراد بالأمر ما هو الأعمّ من القول والفعل كما حكى الله عن فرعون في قوله

السابقالتالي
2 3