الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ } * { يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ } * { قَالُواْ يٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } * { إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } * { مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ } * { إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } * { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } * { وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } * { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }

بيان تذكر الآيات قصة هود النبي وقومه وهم عاد الأولى، وهو عليه السلام، أول نبي يذكره الله تعالى في كتابه بعد نوح عليه السلام، ويشكر مسعاه في إقامة الدعوة الحقّة والانتهاض على الوثنية، ويعقب ذكر قوم نوح بذكر قوم هود، قال تعالى في عدة مواضع من كلامه { قوم نوح وعاد وثمود }. قوله تعالى { وإلى عاد أخاهم هوداً } كان أخاهم في النسب لكونه منهم وأفراد القبيلة يسمون إخوة لانتسابهم جميعاً إلى أب القبيلة، والجملة معطوفة على قوله تعالى سابقاً { نوحاً إلى قومه } والتقدير { ولقد أرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً } ولعلّ حذف الفعل هو الموجب لتقديم الظرف على المفعول في المعطوف على خلاف المعطوف عليه حيث قيل { وإلى عاد أخاهم } الخ، ولم يقل وهوداً إلى عاد مثلاً كما قال { نوحاً إلى قومه } لأن دلالة الظرف أعني { إلى عاد } على تقدير الإِرسال أظهر وأوضح. قوله تعالى { قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون } الكلام وارد مورد الجواب كأن السامع لما سمع قوله { وإلى عاد أخاهم هوداً } قال فماذا قال لهم؟ فقيل { قال يا قوم اعبدوا الله } الخ، ولذا جيء بالفصل من غير عطف. وقوله { اعبدوا الله } في مقام الحصر أي اعبدوه ولا تعبدوا غيره من آلهة اتخذتموها أرباباً من دون الله تعبدونها لتكون لكم شفعاء عند الله من غير أن تعبدوه تعالى والدليل على الحصر المذكور قوله بعد { ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون } حيث يدل على أنهم كانوا قد اتخذوا آلهة يعبدونها افتراء على الله بالشركة والشفاعة. قوله تعالى { يا قوم لا أسألكم عليه أجراً } إلى آخر الآية، قال في المجمع الفطر الشق عن أمر الله كما ينفطر الورق عن الشجر، ومنه فطر الله الخلق لأنه بمنزلة ما شق منه فظهر. انتهى، وقال الراغب أصل الفطر الشق طولاً يقال فطر فلان كذا فطراً وأفطر هو فطوراً وانفطر انفطاراً - إلى أن قال - وفطر الله الخلق وهو إيجاد الشيء وإبداعه على هيئة مترشحة لفعل من الأفعال فقوله فطرة الله التي فطر الناس عليها إشارة منه تعالى إلى ما فطر أي أبدع وركز في الناس من معرفته، وفطرة الله هي ما ركز فيه من قوّته على معرفه الإِيمان وهو المشار إليه بقوله ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنَّ الله. انتهى. والظاهر أن الفطر هو الإِيجاد عن عدم بحت، والخصوصية المفهومة من مثل قوله { فطرة الله التي فطر الناس عليها } إنما نشأت من بناء النوع الذي تشتمل عليه فطرة وهي فعلة، وعلى هذا فتفسير بعضهم الفطرة بالخلقة بعيد من الصواب، وإنما الخلق هو إيجاد الصورة عن مادة على طريق جمع الأجزاء، قال تعالى

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8