الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ } * { إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ } * { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ } * { ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ }

بيان تتضمن السورة امتناناً على قريش بإيلافهم الرحلتين وتعقبه بدعوتهم إلى التوحيد وعبادة رب البيت، والسورة مكيِّة. ولمضمون السورة نوع تعلق بمضمون سورة الفيل ولذا ذهب قوم من أهل السنة إلى كون الفيل ولإِيلاف سورة واحدة كما قيل بمثله في الضحى وألم نشرح لما بينهما من الارتباط كما نسب ذلك إلى المشهور بين الشيعة والحق أن شيئاً مما استندوا إليه لا يفيد ذلك. أما القائلون بذلك من أهل السنة فإنهم استندوا فيه إلى ما روي أن أُبيَّ بن كعب لم يفصل بينهما في مصحفه بالبسملة، وبما روي عن عمرو بن ميمون الأزدي قال صلَّيت المغرب خلف عمر بن الخطاب فقرأ في الركعة الأُولى والتين وفي الثانية ألم تر ولإِيلاف قريش من غير أن يفصل بالبسملة. وأُجيب عن الرواية الأُولى بمعارضتها بما روي أنه أثبت البسملة بينهما في مصحفه، وعن الثانية بأن من المحتمل على تقدير صحتها أن يكون الراوي لم يسمع قراءتها أو يكون قرأها سراً. على أنها معارض بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن الله فضل قريشاً بسبع خصال وفيها " ونزلت فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيها أحد غيرهم لإِيلاف قريش ". الحديث على أن الفضل متواتر. وأما القائلون بذلك من الشيعة فاستندوا فيه إلى ما في المجمع عن أبي العباس عن أحدهما عليهما السلام قال ألم تر كيف فعل ربك ولإِيلاف قريش سورة واحدة، وما في التهذيب بإسناده عن العلاء عن زيد الشحَّام قال صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام الفجر فقرأ الضحى وألم نشرح في ركعة، وما في المجمع عن العياشي عن المفضل بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلا الضحى وألم نشرح وألم تر كيف ولإِيلاف قريش، ورواه المحقق في المعتبر نقلاً من كتاب الجامع لأحمد بن محمد بن أبي نصر عن المفضل مثله. أما رواية أبي العباس فضعيفة لما فيها من الرفع. وأما رواية الشحام فقد رويت عنه بطريقين آخرين أحدهما ما في التهذيب بإسناده عن ابن مسكان عن زيد الشحام قال صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام فقرأ بنا بالضحى وألم نشرح، وثانيهما عنه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن زيد الشحام قال صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام فقرأ في الأولى وفي الثانية ألم نشرح لك صدرك. وهذه أعني صحيحة ابن أبي عمير صريحة في قراءة السورتين في ركعتين ولا يبقى معها لرواية العلاء ظهور في الجمع بينهما، وأما رواية ابن مسكان فلا ظهور لها في الجمع ولا صراحة، وأما حمل ابن أبي عمير على النافلة فيدفعه قوله فيها صلى بنا فإنه صريح في الجماعة ولا جماعة في نفل.

السابقالتالي
2 3