الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْقَارِعَةُ } * { مَا ٱلْقَارِعَةُ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ } * { يَوْمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلْفَرَاشِ ٱلْمَبْثُوثِ } * { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ } * { فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } * { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ } * { نَارٌ حَامِيَةٌ }

بيان إنذار وتبشير بالقيامة يغلب فيه جانب الانذار، والسورة مكية. قوله تعالى { القارعة ما القارعة } مبتدأ وخبر، والقارعة من القرع وهو الضرب باعتماد شديد، وهي من أسماء القيامة في القرآن. قيل سميت بها لأنها تقرع القلوب بالفزع وتقرع أعداء الله بالعذاب. والسؤال عن حقيقة القارعة في قوله { ما القارعة } مع كونها معلومة إشارة إلى تعظيم أمرها وتفخيمه وأنها لا تكتنه علماً، وقد أكد هذا التعظيم والتفخيم بقوله بعد { وما أدراك ما القارعة }. قوله تعالى { يوم يكون الناس كالفراش المبثوث } ظرف متعلق بفعل مقدر نحو اذكر وتقرع وتأتي، والفراش على ما نقل عن الفراء الجراد الذي ينفرش ويركب بعضه بعضاً وهو غوغاء الجراد. قيل شبّه الناس عند البعث بالفراش لأن الفراش إذا ثار لم يتجه إلى جهة واحدة كسائر الطير وكذلك الناس إذا خرجوا من قبورهم أحاط بهم الفزع فتوجهوا جهات شتى أو توجهوا إلى منازلهم المختلفة سعادة وشقاء. والمبثوث من البث وهو التفريق. قوله تعالى { وتكون الجبال كالعهن المنفوش } العهن الصوف ذو ألوان مختلفة، والمنفوش من النفش وهو نشر الصوف بندف ونحوه فالعهن المنفوش الصوف المنتشر ذو ألوان مختلفة إشارة إلى تلاشي الجبال على اختلاف ألوانها بزلزلة الساعة. قوله تعالى { فأمَّا من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية } إشارة إلى وزن الأعمال وأن الأعمال منها ما هو ثقيل في الميزان وهو ما له قدر ومنزلة عند الله وهو الإِيمان وأنواع الطاعات، ومنها ما ليس كذلك وهو الكفر وأنواع المعاصي ويختلف القسمان أثراً فيستتبع الثقيل السعادة ويستتبع الخفيف الشقاء، وقد تقدم البحث عن معنى الميزان في تفسير السور السابقة. وقوله { في عيشة راضية } العيشة بكسر العين كالجلسة بناء نوع، وتوصيفها براضية - والراضي صاحبها - من المجاز العقلي أو المعنى في عيشة ذات رضى. قوله تعالى { وأمّا من خفَّت موازينه فأمه هاوية } الظاهر أن المراد بهاوية جهنم وتسميتها بهاوية لهويّ من ألقي فيها أي سقوطه إلى أسفل سافلين قال تعالىثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا } التين 5-6. فتوصيف النار بالهاوية مجاز عقلي كتوصيف العيشة بالراضية وعدّ هاوية أماً للداخل فيها لكونها مأواه ومرجعه الذي يرجع إليه كما يرجع الولد إلى أمه. وقيل المراد بأمه ام رأسه والمعنى فام رأسه هاوية أي ساقطة فيها لأنهم يلقون في النار على ام رأسهم، ويبعده بقاء الضمير في قوله { ماهيه } بلا مرجع ظاهر. قوله تعالى { وما أدراك ماهيه } ضمير هي لهاوية، والهاء في هيه للوقف والجملة تفسير تفيد تعظيم أمر النار وتفخيمه. قوله تعالى { نار حامية } أي حارة شديدة الحرارة وهو جواب الاستفهام في { ماهيه } وتفسير لهاوية.

السابقالتالي
2