الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ } يقبل كل ما يسمع من اىّ قائل اتّفق { قُلْ } هو { أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ } يسمع كلّ ما فيه صلاحكم وان لم تعلموا انّ فيه صلاحكم { يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } امّا مقول قوله (ص) او مستأنف من الله والمقصود بيان حاله او تعليل كونه اذن خير، اعلم، ان للسّالك الى الله ايماناً بالله فى مقام الوحدة والتّوجّه اليه عن الكثرة وفى هذا الايمان لا توجّه له الى الكثرة لا بخير ولا بشّر، وايماناً فى مقام الكثرة والتّوجّه اليها بالله وفى هذا المقام له نحو تصرّف فى الكثرة امّا بخيرٍ اذا كان المتوجّه اليه ممّن يقبل التّصرّف بالخير كجملة اجزاء العالم سوى الاشقياء من بنى آدم، وامّا بشّرٍ اذا كان المتوجّه اليه ممّن يصير الخير فى وجوده شرّاً، لانّ الشّرّ ليس من المتصرّف فى الكثرة بالّذات بل تصرّفه يصير بواسطة القابل شرّاً، فقوله يؤمن بالله اشارة الى الايمان الاوّل وقوله يؤمن للمؤمنين اشارة الى الايمان الثّانى، والمعنى يؤمن بالله فى مقام الكثرة يعنى يصدق الكلّ فانّ كلاًّ فى مقامه مسخّر لله ومظهر له وما يظهر منه فى الحقيقة ظهور فعل الله لكنّه بحسب المظاهر يصير فى بعض شرّاً وفى بعضٍ خيراً ولا ينتفع بهذا الايمان من محمّد (ص) الاّ المؤمنون، لانّه كان بحسب هذا الايمان نافعاً للكلّ لكن يصير ذلك النّفع فى بعض القوابل ضرّاً وشرّاً، وبما ذكر يظهر صحّة الاخبار ووجه الجمع بينها والى ما ذكر اشار بقوله { وَرَحْمَةٌ } عطفاً على اذن خيرٍ وما بينهما اعتراض { لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ } بالايمان العامّ او الخاصّ وكان ارادة الايمان الخاصّ انسب بالمقام، لانّه اشير الى مطلق الانتفاع الّذى هو عامّ لجملة المسلمين الّذين بايعوه بالبيعة العامّة بقوله اذن خيرٍ لكم وبقوله يؤمن للمؤمنين، ولانّ الخطاب كان لعامّة المسلمين والمؤمن منهم لا يكون الاّ مؤمناً خاصّاً، ولانّ خصوص الرّحمة الرّحيميّة بقرينة ذكرها بعد الانتفاع المطلق الّذى هو مطلق الرّحمة الرّحيميّة مختص بالمبتاعين بالبيعة الخاصّة الولويّة الّتى هى الايمان حقيقة وكان الانسب بالمقابلة ان يقول تعالى وسخط للّذين لم يؤمنوا واوذوا رسول الله (ص) لكنّه عدل الى قوله { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } جملة معطوفة على الجملة السّابقة تبرئة له (ص) من نسبة السّوء والعذاب اليه لما عرفت ان ليس منه الاّ الرّحمة والنّفع لكنّها بحسب القابل تصير ضرّاً وشرّاً.