الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ }

{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ } امّا استيناف على القول بمجيء الواو للاستيناف، او عطف باعتبار المعنى فانّ تعليق الامر بالمقاتلة على الموصول للاشعار بعلّة الحكم فكأنّه قال: قاتلوا الّذين لا يؤمنون بالله من جهة انّهم لم يؤمنوا وقالوا { عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ } ووضع الظّاهر موضع المضمر لارادة التّفصيل وتعيين قائل كلّ قول، اعلم، انّ القائلين عزيرٌ ابن الله، والمسيح ابن الله، ونحن ابناء الله، لم يريدوا بتلك الكلمة ما يفهم منها بحسب الظّاهر من التّوليد والتّجسيم واثبات الزّوج لله بل ارادوا بيان النّسبة الرّوحانيّة بهذه الكلمة وقالوا من حصل له القرب من الله بحيث يأخذ الاحكام والآداب منه تعالى بلا وساطة بشرٍ فهو ابن الله، وكذا من انتسب الى الله بواسطة الاتّصال بنبىٍّ او ولىٍّ فهو ابن الله بياناً لشدّة القرب او لصحّة الانتساب ولا شكّ فى صحّة هذا المعنى، ولكنّها ممنوعة فى حقّه تعالى لايهامها معناها الظّاهر والتّجسيم والتّوليد كما حمل الاتباع هذه الكلمة على ظاهرها وقالوها بمعناها الظّاهر، ولا شكّ انّ معناها الظّاهر كفر وفرية، ولهذا حكاها تعالى شأنه عنهم ذمّاً لهم { وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ } نقل انّه كان يقول: وانّ ابى يقول كذا، وثبت هذا المعنى فى الانجيل { ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ } لا اعتقاد لهم به بأىّ معنىً كان فانّ الاعتقاد بهذا المعنى يقتضى العمل بمقتضاه وهو عدم التّخلّف عن قول من نسبوه بالنّبوّه الى الله وليس كذلك مثل قوله تعالىيَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } [آل عمران:167] { يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } اى يضاهىّ قولهم قول الّذين كفروا، بحذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه، المضاهاة فى عدم كون قول كلّ عن اصل وعدم موافقته للاعتقاد وكون كلّ ناشئاً من محض التخيّل من غير حجّة عليه كقول المجنون، والمراد بالّذين كفروا { مِن قَبْلُ } امّا اليهود على ان يكون المراد بهم النّصارى، او مطلق الكفّار { قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ } باعدهم الله ولعنهم وكثيراً ما يستعمل فى هذا المعنى فى العرف، ونقل عن علىّ (ع) انّه بمعنى لعنهم الله { أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } عن الحقّ.