الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ ٱلْحَامِدُونَ ٱلسَّائِحُونَ ٱلرَّاكِعُونَ ٱلسَّاجِدونَ ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ } بعد ما ذكر اصناف المنافقين واحوالهم ذكر اوصاف المؤمنين وما هم عليه وما لهم فى الآخرة لازدياد حسرة المنافقين. اعلم، انّ النّفوس البشريّة خلقت متعلّقة بمعنى انّ التّعلّق جزؤ جوهر ذواتها وفصل مميّز لها عن الجواهر المجرّدة الصّرفة لا انّ التّعلّق وصف خارج عن ذواتها عارض لها، وهذا التّعلّق الفطرىّ هو الّذى يكون منشأ شوقها الّذى يعبّر عنه بالفارسيّة بـ " درد " وهو يقتضى التّعلّق الاختيارىّ حين البلوغ فان ساعدها التّوفيق وتعلّقت اختياراً حسبما كلّفها الله بالعقول المجرّدة ومظاهرها البشريّة فازت بالحياة الابديّة، وان خذلها الله وتعلّقت بالشّيطان ومظاهره البشريّة اعاذنا الله منها، هوت الى المظاهر القهريّة وهلكت، ولمّا كان فى بدو الامر مداركها العقليّة ضعيفة ومداركها الحيوانّية والشّيطانيّة قويّةً بحيث لا تدرك الا ما ادركته المدارك الظّاهرة والباطنة الحيوانيّة او ما اقتضته القوى الحيوانيّة والشّيطانيّة، ولا يتيسّر لها ادراك العقول والتّعلّق بها بلا واسطة بشريّة مدركة بمداركها الحيوانيّة، امرهم الله تعالى شأنه بالتّعلّق بمظاهر العقول من الانبياء وخلفاءهم والانقياد لهم واتباعهم، ولتطابق العوالم وتوافق المراتب ولزوم سريان حكم كلّ عالم ومرتبته الى سائر العوالم والمراتب، امرهم الله تعالى بالبيعة الّتى هى مشتملة على التّعلّق الجسمانىّ بعقد يدى المتعلّق والمتعلّق به وتعلّق سمع كلّ بلسان الآخر وصوته ليكون التّعلّق النّفسانىّ موافقاً للجسمانىّ وسارياً الى المرتبة البشريّة، وتلك البيعة كانت سنّةً قائمةً من لدن آدم (ع) الى زمان ظهور دولة الخاتم (ص)، بحيث كان اهل كلّ دين لا يعدّون من اهل ذلك الدّين احداً الا بالبيعة مع صاحب ذلك الدّين او مع من نصبه لاخذ البيعة من النّاس ولتلك كانت شرائط وآداب مقرّرة مكتومة عندهم، ولشرافة تلك البيعة والضّنة بابتذالها عند من ليس لها باهلٍ كانت تختفى فى كلّ دين بعد قوّته ورحلة صاحبه واختيار العامّة له بأغراضهم الفاسدة على سبيل الرّسم والملّة، وقولهوَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ } [الحج: 45] اشارة الى التّحقّق بالدّين بالدّخول فيه بما به تحقّقه من البيعة،وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } [الحج: 45] اشارة الى صورة الدّين المأخوذة على طريق الرّسم والملّة من دون التّحقّق به اذا تقرّر ذلك، فاعلم، انّ تلك البيعة لمّا لم تكن الاّ مع المظاهر البشريّة لعدم امكان الوصول الى الله والى العقول من غير توسّط تلك المظاهر وقد تحقّق انّ المظاهر يعنى الانبياء وخلفاءهم (ع) لفنائهم فى الله خصوصاً وقت اخذ البيعة واشتراء الانفس والاموال، وجودهم وجود الله لا وجود انفسهم لعدم نفسيّة لهم حينئذٍ وفعلهم فعل الله لا فعل انفسهم، وكان القاصرون لا يرون البيعة الاّ مع الوسائط من غير نظرٍ الى الظّاهر فيها، قال الله تعالى بطريق حصر القلب والتّعيين او الافراد انّ الله اشترى لا الوسائط البشريّة كما اعتقدوا لقصورهم وقد صرّح بالحصر فى قوله انّما يبايعون الله يعنى انّ المشترى هو الله لا انت، وهكذا قوله

السابقالتالي
2 3 4