الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

{ أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ } ترغيبٌ لهم فى التّصدّق وذكر التّوبة لمشاركتها للصّدقة فى قبوله تعالى على ايدى خلفائه ولانّها مقدّمة للصّدقة ولذا قدّمها فانّ من لم يتب الى الله لا يمكنه التّصدّق حقيقة. اعلم، انّ التّوبة هى رجوع الشّخص عمّا لا ينبغى الى الله سواء كان الرّجوع من جهة الباطن الى مظهر الله الباطنىّ الّذى هو القلب، او من جهة الظّاهر الى مظهره الّذى هو النّبىّ (ص) او الامام (ع) او خلفاؤهما، ولهذا الرّجوع وقبول التّوبة بهذا المعنى اعمال ومواثيق مقرّرة كانت جارية بينهم من لدن آدم (ع)، وان كانوا لشرافتها والضّنّة بها كتموها من غير اهلها ومحوا اثرها من صدور من اطّلع عليها ورجع عنها لئلاّ تبتذل كسائر رسوم الملّة، والمستعمل فى الكتاب والسّنّة فى الاغلب هو التّوبة بهذا المعنى والقابل لهذه التّوبة هو النّبىّ (ص) او خليفته كما انّ الآخذ للصّدقة ايضاً هو النّبىّ (ص) او خليفته (ع)، لكنّه لمّا كان مظهراً لله وفانياً ببشريّته فيه خصوصاً وقت قبول التّوبة واخذ الصّدقة نسب قبول التّوبة واخذ الصّدقة الى نفسه بطريق الحصر بمعنى عدم انفراد الغير ولامشاركته له تعالى فيه، هذا اذا كان الآخذ للصّدقة والقابل للتّوبة خلفاؤه تعالى، وامّا اذا كان الآخذ للصّدقة غيرهم كالفقراء السّائلين الآخذين للصّدقات المندوبة او المفروضة فالاخذ وان لم يكن آلهيّاً لكنّ المتصدّق بنيّته الآلهيّة الّتى هى شرط فى اطلاق اسم الصّدقة على ما يعطى يصير آلهيّاً ومظهراً لله وبصيرورته مظهراً لله يجذب اللّطيفة الآلهيّة فى الآخذ وان لم يصر الآخذ شاعراً به، ولذا ورد تقبيل يد الامام او الآخذ او السّائل وتقبيل المعطى يد نفسه وتقبيل الخير بعد الرّدّ من يد السّائل ووجه الكلّ قد علم ممّا ذكر { وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ } كثير المراجعة على العباد بالعفو والتّوفيق وقبول توبتهم { ٱلرَّحِيمُ } للعباد وقد مضى تحقيق التّوبة ومعنى تّوابيّته فى اوّل البقرة فى مثل هذه الآية.