الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }

{ وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً } المكاء الصّفير، والتّصدية التّصفيق كانوا يطوفون بالبيت عراةً يشبّكون بين اصابعهم ويصفرون ويصفّقون وكانوا يفعلون اذا قرأ رسول الله (ص) فى صلوته يخلّطون عليه { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } بالقتل والاسر يوم بدرٍ او بالنّار فى الآخرة { بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ } يستمرّون على الانفاق. اعلم، انّه لا اختصاص للمال بالاعراض الدّنيويّة بل يعمّها والقوى البدنيّة والقوى النّفسانيّة بل هى اولى بكونها مالاً من الاعراض لانّ نسبة المملوكيّة هنا حقيقيّة وهناك اعتباريّة صرفة لا حقيقة لها، والانسان ما لم يخرج من هذا البنيان شغله اكتساب المال الصّورىّ والمعنوىّ وانفاقه، فان كان متوجّهاً الى الله يصدق عليه انّه ينفق فى سبيل الله اى حال كونه فى سبيله او فى حفظ سبيله وتقويته وان كان متوجّهاً الى الملكوت السّفلى يصدق عليه انّه ينفق فى سبيل الطّاغوت بمعنييه ويصدّق عليه انّه ينفق لصدّ النّاس عن المسجد الحرام وعن سبيل الله صورةً ومعنىً، ولصدّ القوى والمدارك عن التّوجّه الى القلب فالكافرون شغلهم الانفاق مستمرّاً { لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } اى سبيل الحجّ او النّبىّ (ص) او الولىّ (ع) او الصّدر المنشرح بالاسلام او القلب { فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً } لعدم عوض للمنفق بل لنقصان ذواتهم بالانفاق { ثُمَّ يُغْلَبُونَ } ظاهراً وباطناً ان كان نزول الآية فى قريش حين خروجهم لغزو بدرٍ وانفاقهم فى ذلك كما ورد فى الخبر فلا ينافى عمومها { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } تكرار الموصول للتّفضيح والاشارة الى علّة الحكم { إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } يعنى كما انّ شغلهم الانفاق للصّدّ كذلك سلوكهم ليس الاّ الى جهنّم، لانّ شغلهم الانفاق فى سبيل الطّاغوت فسلوكهم على سبيل الطّاغوت وهو سبيل جهنّم، وفعلنا ان نحشرهم آناً فآناً حشراً بعد حشرٍِ الى جهنّم وغاية هذا الفعل كراهة اختلاط المؤمن والكافر وتميز الكافر من المؤمن، هذا فى الكبير، وامّا فى الصّغير فالقوى الحيوانيّة البهيميّة والسّبعيّة والقوى الشّيطانيّة الّلاتى شأنها الكفر بالعقل تنفق قوّتها لصدّ سائر القوى عن سبيل العقل وهو سبيل الله وهى متوجّهة الى السّفل الّذى هو دار الشّياطين والجنّة، وفيه جهنّم فتحشر الى جهنّم آناً فآناً وفى الخبر اشارة الى التّعميم وذلك الحشر.