الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ }

{ يَابَنِيۤ آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ } ما به جمالكم من طهارة الابدان من الاخباث والاحداث والثّياب الجميلة الطّيبة وتحسين شعور رؤسكم ولحاكم بالمشط، وغيره ممّا يتزيّن به من الادهان والخضاب، ومن الافعال الحميدة والاقوال الفصيحة المفصحة عن أمور الآخرة ومن محبّة ذوى القربى والعقائد الصّحيحة، ومن الاحوال والاخلاق الجميلة والمكاشفات الصّحيحة والمشاهدات القلبيّة والمعاينات الرّوحيّة { عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } وقد سبق بيان المسجد ووجه دخول لفظ العموم عليه وانّ اصل الكلّ هو خليفة الله فى الارض، وقد فسّر الزّينة والمسجد فى هذه الآية وفى غيرها بما ذكرنا من اراد الاطّلاع على ما ورد عن المعصومين (ع) فليرجع الى الكافى والصّافى وغيرهما { وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ } فانّ التّزينّ والاكل والشّرب مباحة لكم ولا تنافى اقامة الوجوه عند المساجد بل تقويكم على ذلك، ولا يخفى تعميم الاكل والشّرب كالزّينة { وَ } لكن { لاَ تُسْرِفُوۤاْ } بالافراط فى التّزيّن بحيث يمنعكم من اقامة الوجوه لاشتغال نفوسكم بتحصيلها وتحصيل ثمنها وحفظها عن التدنّس وبالافراط فى الاكل والشّرب وفى طيبوبة المأكول والمشروب لتضرّركم بالزّيادة على قدر اشتهائكم فى ابدانكم ونفوسكم وكسالتكم واشتغالكم { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } فى اىّ شيءٍ كان لانّ الاسراف يجرى فى جملة الافعال والاقوال والاحوال، كما ورد فى جواب من قال: افى الوضوء اسراف؟ - من قوله (ع): نعم فى الوضوء اسراف ولو كنت على نهرٍ، فانّ استعمال القوى والاعضاء فى كلّ فعلٍ زائداً على تحصيل حقيقة ذلك الفعل واجباً كان ام مندوباً ام مباحاً وزائداً على تحصيل كمالاته اسراف، هذا بحسب التّنزيل، وامّا بحسب التّأويل والباطن فالاسراف فى الاكل والشّرب واللّبس بانّه يكون كلّ منها بغلبة النّفس على العقل والغفلة عن الامر والنّهى، فانّه اسراف استحصال النّفس فى مشتهياتها حتّى تصير غالبة على العقل والامر الآلهىّ.