الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قُرِىءَ ٱلْقُرْآنُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْغَافِلِينَ }

{ وَإِذَا قُرِىءَ ٱلْقُرْآنُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ } يعنى اذا قرأ الامام الموثوق به فى الصّلاة القرآن اى الحمد والسّورة وانتم مؤتمّون به كما فى بعض الاخبار، او اذا قرأ الامام موثوقاً به او غير موثوق به فى الصّلاة وانتم مؤتموّن به، او اذا قرئ القرآن مطلقاً سواء كان القارى اماماً او غيرا امام وسواء كنتم مؤتمّين او غير مؤتمّين، وسواء كان القارى مصلّياً او غير مصلٍّ، وسواء كنتم مصلّين او غير مصلّين كما فى بعض الاخبار، ووجه الجمع بين الاخبار المبالغة فى وجوب انصات المستمع فى الصّلاة مؤتّماً حال كون القارى اماماً موثوقاً به وعدم المبالغة فى الوجوب فى غير الصّورة المذكورة، او الوجوب فى الصّورة المذكورة والاستحباب فى غير الصّورة المذكورة كما عليه اصحاب الفتيا، ووجه اختلاف الاخبار فى باب من ائتمّ بالمخالف بالنّهى عن القراءة والامر به اختلاف احوال الاشخاص فى امكان اخفاء القراءة عن المخالفين وعدمه { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَٱذْكُر رَّبَّكَ } المضاف او المطلق عطف على قوله تعالى: { قُلْ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يِوحَىٰ إِلَيَّ } ، او مستأنفٌ والامر له (ص) بحيث يشمل امّته او الخطاب عامّ ويصحّ عطفه على استمعوا او على استعذ بالله، او على خذ العفو { فِي نَفْسِكَ } يعنى دون لسانك فانّه المتبادر، ومقتضى المقابلة مع قوله ودون الجهر من القول، وهو اشارة الى الّذكر الخفىّ الّذى هو مصطلح الصّوفيّة ولذا قدّمه والمراد بالّذكر اعمّ من الّذكر النّقشىّ المثالىّ المأخوذ عن ولىّ الامر ومن الّذكر التّمثالىّ المثاليّ الّذى يعبّر عنه بالفكر والحضور، هو تصوّر مثال الشّيخ عند الّذاكر وهو أبلغ فى الّذكر من النّقشىّ المثالىّ وهو ابلغ من اللّسانىّ الغير المجهور وهو أبلغ من المجهور، ويجوز ان يراد بالّذكر فى النّفس مطلق تذكّر الرّبّ او تذكّر امره ونهيه عند كلّ فعالٍ، وقد سبق تفصيل الذّكر واقسامه وفضيلة كلّ قسم منه فى اوّل البقرة عند قوله فاذكروني اذكّركم { تَضَرُّعاً وَخِيفَةً } ذكر تضّرعٍ او مصدران من غير لفظ الفعل على ان يكون المراد من كلّ من التّضرّع والخيفة احد انواع الّذكر او متضرّعاً وخائفاً، ويحتمل ان يكون قوله تضرّعاً وخيفة مفعولاً له حصوليّاً او تحصيليّاً يعنى انّ الرّجاء والخوف من لوازم وجود الانسان، او من لوازم وجودك وهما يسلتزمان الّذكر او الرّجاء والخوف بمنزلة جناحى المؤمن لا يمكنه السّير بدونهما وهما لا يحصلان الاّ بذكر الرّبّ فاذكره لتحصيلهما والمقصود من التّضرّع الرّجاء بقرينة مقابلة الخوف فانّ التّضرّع والابتهال والالتجاء من متفرّعات الرّجاء والمقصود نفى الغرور بالله ونفى اليأس من رحمة الله والوقوع بين الخوف والرّجاء اللّذين هما من صفات المؤمنين { وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ } يعنى باللّسان من غير جهرٍ وهو اشارة الى الّذكر الجلىّ الّذى هو من مصطلحات الصّوفيّة وامّا الّذكر اللّسانىّ المجهور كما هو شأن القرّاء والقصّاص والعوامّ فقد ورد مذمّته ولم يكن من سنّة الصّوفيّة، فقد ورد عن مولينا ومقتدانا ومن به رجاءنا وعاجلنا وآجلنا امير المؤمنين (ع) ورغم انف المعاندين، من ذكر الله فى السّرّ فقد ذكر الله كثيراً انّ المنافقين كانوا يذكرون الله علانيةً ولا يذكرونه فى السّرّ فقال الله تعالى:

السابقالتالي
2