الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ }

{ كِتَابٌ } قد عرفت الفرق بين الكتاب والكلام وانّ العالم بوجهٍ كتابه وبوجهٍ كلامه تعالى، وانّ الانسان مختصر من هذا الكتاب، والقرآن ظهوره بصورة الحروف والاصوات ونزوله فى لباس النّقوش والكتاب ترحّماً على العباد، فانّ الانسان لمّا تنزّل الى مقام التّجسّم واحتاج فى ادراكه الى مدارك الحيوان انعم الله عليه بتنزيل تلك الحقائق فى صورة الحروف والعبارة، او النّقوش والكتابة لتناسب مداركه النّازلة ونعم ما قيل:
جون نهاد آن آب وكل برسر كلاه   كشت آن اسماء جانى ورسياه
كه نقاب حرف دم درخود كشيد   تا شود برآب وكل معنى يديد
وانّ الرّسالة والنّبوّة ليست الاّ التّحقّق بحقائق العالم فهما ايضاً مراتب العالم وقد عرفت ايضاً انّ الكلّ ظهور الولاية الّتى هى فعل الحقّ وتجلّيه الفعلىّ وانّها مبدء الكلّ وصورته وغايته، فان كانت فواتح السّور عبارة عن مراتب العالم الصّغير او مراتب النّبوّة او الرّسالة او الولاية او مراتب وجوده (ص) كما ورد، انّها اسماء للنّبىّ (ص) او كان المراد بها القرآن او السّور المفتتحة بها، كما فصّل ذلك فى اوّل البقرة فلفظ كتاب خبر عن المص او خبر مبتدءٍ محذوفٍ، او مبتدء خبرٍ محذوفٍ، او مبتدء موصوف متضمّن لمعنى الشّرط وخبره قوله فلا يكن او لتنذر ويجرى فيه وجوه اخر كما سبق { أُنزِلَ إِلَيْكَ } صفة لكتاب، او خبر بعد خبر، او استيناف لبيان الغرض منه ولمّا كان المقصود ترتّب النّهى عن وجود الحرج على نزول الكتاب المعلوم الّذى هو اصل كلّ النّعم وحقيقتها قال تعالى { فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ } قبل تمام الكلام بذكر الغاية ولو اخّره لاوهم ترتّبه على غايته وهى الانذار { لِتُنذِرَ بِهِ } المنحرفين والكفّار بالله او بالولاية او بما فى الكتاب { وَذِكْرَىٰ } لتذكّر تذكيراً فانّه اسم للتّذكير وقائم مقام الفعل وعطف على لتنذر او على تنذر او هو بنفسه عطف على تنذر لانّه بتأويل الانذار او على كتاب او على انزل بتأويل معنى الوصف، او خبر مبتدءٍ محذوفٍ { لِلْمُؤْمِنِينَ } بالله بالايمان العامّ الّذى هو البيعة على يدك وهو الايمان بك، او بالايمان الخاصّ الّّذى هو البيعة الولويّة وهو الايمان بالولاية، ثمّ صرف الخطاب عنه (ص) الى قومه (ص) فقال { ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ }.