الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىۤ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ }

{ أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ } عطف على قوله او لم يتفكّروا او على مقدّر اى اوقفوا عن النّظر ولم ينظروا { فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } ملكوت كلّ شيءٍ باطنه لانّ الملكوت مبالغة فى المالكيّة وباطن كلّ شيءٍ مالك لظاهره كباطن الانسان المسخّر لظاهره بحيث لا يتمكّن من عدم طاعته، وباطن السّماوات المسخّر لاجرامها فى حركاتها المتناسقة وملكوت الارض مثالها فى عالم المثال وهو عالم الملكوت الاعلى، والمقصود من النّظر فى ملكوتهما النّظر فى دقائق الحكم المودعة فى حركاتها المتناسقة المنتظمة المترتّب عليها كلّيّات نظام العالم وجزئيّاته الّتى لا يشكّ العاقل فى انّها ليست من اجرامها من غير علمٍ وشعورٍ، بل لها مسخّر عالم شاعر حكيم واذا عرف الانسان ذلك من السّماوات والارض لم يتوقّف فى معرفة الآخرة ومعرفة الله وصفاته ومعرفة المعاد، وورد الامر بالنّظر فى السّماوات والارض وآياتهما وآيات الآفاق والانفس ليؤدّى بالنّاظر الى مدبّرهما ومسخّرهما وملكوتهما { وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ } ممّا يطلق عليه اسم الشّيء كائناً ما كان فانّ فى كل شيء آية قدرته وحكمته { وَأَنْ عَسَىۤ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ } او لم ينظروا فى انّه عسى ان يكون قد اقترب اجلهم فيستعدّوا له فيميزوا بين ما ينفعهم حين الاجل وبين ما يضرّهم، فانّ تذكّر الموت يعين على التّميز بين الحقّ والباطل وعلى رفع الغشاوة والعمه عن البصيرة { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ } بعد الاجل { يُؤْمِنُونَ } ولا حديث بعده ولا ينفع نفساً ايمانها لم تكن آمنت من قبل.