الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }

{ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا } بالآيات ولمّا توهّم من لفظة انسلخ منها ولفظة فأتبعه الشيطان انّه لا دخل لله ومشيّته فى الانسلاخ واتّباع الشّيطان استدرك ذلك الوهم وقال: ان مشيّتنا هى السّبب الفاعلىّ وما من قبله هو السّبب القابلىّ والسّبب الفاعلىّ وان كان تامّاً لكنّه لم يقع جزافاً بل بحسب استعداد القابل وما استعدّ المنسلخ للارتفاع { وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ } ارض الطّبع وبعدها الى ارض الطّين لقضاء مشتهياتٍ عنها { وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ } من قبيل عطف السّبب على المسبّب فشئنا غوايته وضلاله فأضللناه { فَمَثَلُهُ } بعد ما اخلد الى الارض فى شدّة تعبه وكثرة حركته لتحصيل مأموله من الارض لتسكين حرارة حرصه وعدم الانتفاع فى تسكين الحرص { كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ } الّذى وقع فى الحرّ الشّديد فلهث وأخرج لسانه وفتح فاه لكثرة التنفّس لتسكين حرارة القلب ولم ينفعه ذلك بل يضاعف حرارته لكثرة وصول الهواء الحارّ الى قلبه فقوله { إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث } فى موضع حال مقيّدة للكلب باخسّ احواله، روى عن الرّضا (ع) انّه اعطى بلعم بن باعوراء الاسم الاعظم وكان يدعو به فيستجيب له، فمال الى فرعون فلمّا مرّ فرعون فى طلب موسى (ع) واصحابه قال لبلعم: ادع الله على موسى (ع) واصحابه ليحبسه علينا، فركب حمارته ليمرّ فى طلب موسى (ع) فامتنعت عليه حمارته فأقبل يضربها فأنطقها الله عزّ وجلّ فقالت: ويلك على ماذا تضربنى؟! اتريد ان اجيء معك لتدعو على نبىٍّ لله وقومٍ مؤمنين! - فلم يزل يضربها حتّى قتلها وانسلخ الاسم الاعظم من لسانه، ونسب الى الرّواية انّ قومه سألوه ان يدعو على موسى (ع) ومن معه، فقال: كيف ادعو على من معه الملائكة فألحّوا عليه حتّى دعا عليهم فبقوا فى التّيه، ونقل انّه لمّا دعا على موسى (ع) خرج لسانه فوقع على صدره وجعل يلهث كالكلب { ذَّلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } اشارة الى التّعميم فكلّ مكذّب بآيات الله هذا مثله { فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ } على اليهود وغيرهم كما عرفت انّ المقصود تنبيه امّة محمّد (ص) { لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } فى مآل افعالهم واحوالهم.