الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا سُقِطَ فِيۤ أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ }

{ وَلَمَّا سُقِطَ فَيۤ أَيْدِيهِمْ } هذا مثلٌ فى العرب والعجم جميعاً كناية عن غاية النّدم والتّحسّر والعجز عن دفع ما يتحسّر على وروده يعنى ندموا وعجزوا عن رفع بليّة عبادة العجل { وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ } اعترافاً بالّذنب وتضرّعاً { لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي } خلفه قام مقامه وعمل فى خلفه، وما نكرة موصوفة، او معرفة موصولة، او معرفة تامّة، واذا كانت معرفة تامّة كان خلفتمونى حالاً، وعلى اىّ تقديرٍ فالعائد محذوف والمعنى بئس الّذى خلفتمونى فيه عبادة العجل فعبادة العجل مخصوصة بالّذم ومحذوفة، ويجوز ان يكون ما مصدريّة ويكون المعنى: بئس الخلافة خلافتكم لى حيث عبدتم العجل وتركتم امر ربّكم، ويجوز ان يكون الخطاب لهارون ولمن بقى معه ولم يعبد العجل ويكون المعنى: بئس الّذى خلفتمونى فيه من السّكوت عن نهى العابدين والمعاشرة معهم { مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ } اسبقتم امر ربّكم باتّباعى وانتظار الكتاب السّماوىّ وتركتموه ورائكم، وتعدية عجلتم بنفسه لتضمين مثل معنى السّبق او المعنى اسبقتم فى عبادة العجل امر ربّكم فعبدتم العجل من دون امرٍ منه او المعنى اسبقتم امر الرّب بانتظار اربعين ليلةً فما لبثتم انقضاء الوعد { وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ } من شدّة الغيظ لله فتكسّر بعضه ورفع بعضه وبقى بعضه كما روى { وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ } لانّه لم يفارقهم ولم يلحق بموسى (ع) بعد ما نهاهم فلم ينتهوا { قَالَ ٱبْنَ أُمَّ } نسبة الى الامّ استعطافاً لانّ بنى امٍّ واحدةٍ اقرب مودّة من بنى ابٍ واحدٍ وكان اخاه من اب وامّ وكان اكبر من موسى (ع) بثلاث سنين { إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي } اعتذر عن تقصيره المترائى فى منع القوم من عبادة العجل { وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ } من غير تقصيرٍ لى { وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } فى نسبة التّقصير الىّ وجعلى مثهلم.