الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }

{ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } لانّ الاكثر منكوسوا الرّؤس منحرفون عن الولاية الّتى هى سبيل الله الى عالم السّفل الّذى هو عالم الشّياطين والارواح الخبيثة واطاعتهم تؤدّى الى الانحراف الى ما توجّهوا اليه، وهو تعريض بالامّة وانّما قال اكثر من فى الارض لانّ الانسان ثلاثة اصناف: صنف عرجوا من ارض الطّبع الى سماء الارواح، وشأنهم الطّاعة والانقياد لصاحب الرّسالة والولاية الكلّيّة لا الاستقلال والمطاعيّة، وصنف وقفوا فى ارض الطّبع لكن لهم التّهيؤ والاستعداد للعروج الى عالم الارواح فهم وان كانوا فى ارض الطّبع لكن موافقتهم لا تصير سبباً للضّلال عن التّوجّه الى عالم الارواح، وصنف واقفون فى ارض الطّبع منكوسون الى السّفل متوجّهون الى عالم الشّياطين وهم اكثر من فى الارض، وطاعتهم وموافقتهم توجب الانحراف عن الولاية { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } الظّنّ من صفات النّفس فانّ علومها وان كانت يقينيّة وادراكاتها غير ظنّيّة فهى ظنون وليست بعلومٍ لما مضى مراراً انّ العلم هو الّذى يكون وجهه الى العلوّ ويكون فى الاشتداد وعلم النّفس الغير المطيعة يكون وجهه الى السّفل ويكون فى التّنزّل، فالمعنى ما يتّبعون الاّ الادراكات النّفسانيّة الّتى هى مبادى الآراء الرّديّة والاهواء الخبيثه، وايضاً لمّا كان علوم النّفوس مغايرة لمعولماتها وجائزة الانفكاك عنها كان حكمها حكم الظّنون فى مغايرتها لمظنوناتها وجواز انفكاكها عنها { وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } الخرص التّقدير والكذب والظّنّ وهو المراد هنا يعنى لا يتّبعون الاّ الظّنّ وليس لهم علم اصلاً حتّى يتصوّر منهم امكان متابعة العلم، لانّهم فى مرتبة النّفس المنكوسة لا يتجاوزون عنها فلا يكون لهم علم.