الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } * { وَكَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ }

{ قَدْ جَآءَكُمْ } جواب لسؤالٍ مقدّرٍ كأنّه قيل: اذا لم يدركه الابصار فهل يمكن ادراكه؟ - فقال: قد جاءكم { بَصَآئِرُ } جمع البصيرة كالابصار جمع البصر والبصيرة للقلب كالبصر للبدن تطلق على قوّة بها يدرك المعقولات وعلى ادراكها وعلى الحجج الّتى بها يكون ذلك الادراك وهذه هى المرادة بالبصائر ههنا، وهى اعمّ من الانبياء والاولياء ومعجزاتهم وكراماتهم وسيرهم واخلاقهم وكتبهم وشرائعهم، ومن البلايا والواردات والعبر والآيات الّتى تكون لخصوص الافراد او لعموم العباد، هذا فى الآفاق، وامّا فى الانفس فهى عبارة عن العقول والزّواجر والنّفوس والخواطر والالهامات والمنامات خصوصاً الصّادقات منها، فانّها ادلّ دليل فى العالم الصّغير على وجود الآخرة وبقائها ووجود كلّ جزء من اجزاء عالم الطّبع فيها ماضياتها وآتياتها، وهذا هو الدّليل الوافى لكلّ ذى بصيرة على بقاء الانفس بعد فناء الابدان فكلّ هذه بصائر { مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ } بها من اسماء الله وصفاته ومن امور الآخرة { فَلِنَفْسِهِ } ابصر { وَمَنْ عَمِيَ } عنها { فَعَلَيْهَا } عمى { وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } هذه حكاية قول النّبىّ (ص) بتقدير القول او هى من الله لكنّها اشارة الى انّ حفظه تعالى وتدبيره للعباد موكول الى سبق الاستحقاق والاستعداد حتّى لا يحتجّ عليه العباد { وَكَذٰلِكَ } التّصريف الّذى صرّفنا الآيات والحججّ فى الالفاظ السّهلة التّناول بحسب المعنى { نُصَرِّفُ } متتاليات { ٱلآيَاتِ } الآفاقيّة والانفسيّة فى العالم وفى النّفوس وفى الالفاظ ليعمى فرقة وليبصر فرقة اخرى { وَلِيَقُولُواْ } اى الفرقة العامّيّة واللاّم للعاقبة { دَرَسْتَ } قرئ درست ودارست معلوماً بتاء الخطاب بمعنى قرأت وذاكرت وتعلّمت، وقرئ درست بتاء التّأنيث بفتح الرّاء وضمّها ودارست بتاء التّأنيث ودرست ببناء المجهول وتاء التّأنيث ودرسن بنون جمع المؤنّث ودارسات بجمع اسم الفاعل والكلّ من الدّروس بمعنى الاندراس، ويجوز ان يكون درست مجهولاً بمعنى قرئت، وقرئ درس معلوماً بالغيبة بمعنى تعلّم محمّد هذه الآيات ودرس بكلّ من معنييه لازم ومتعدّ { وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } لا اهواء المشركين { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } بيان للموحى او اعتراض للتّعليل { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } ولا تبال بهم ولا تتّبع اهواءهم ولا تحزن عليهم لشركهم والمقصود العمدة المشركون بالولاية.