الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْبِ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ ٱلْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ }

{ يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بقبول الدّعوة الظّاهرة اى اسلموا { لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ } يعنى فى احرامكم قيل: نزلت فى غزوة الحديبية جمع الله عليهم الصّيد، وعن الصّادق (ع) حشر عليهم الصّيد فى كلّ مكان حتّى دنا منهم { لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْبِ } بترك الصّيد مع سهولته بمحض النّهى { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ } الابتلاء والنّهى { فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } عن الصّادق (ع) اذا أحرمت فاتّق قتل الدّوابّ كلّها الاّ الافعى والعقرب والفأرة، وذكر الوجه لكلّ وتفصيل ذلك موكول الى الفقه، والحرم جمع الحرام بمعنى المحرم او جمع الحرم بكسر الحاء وسكون الرّاء او جمع الحريم بمعنى المحرم بالحجّ او العمرة وبمعنى الدّاخل فى الحرم وكلا الوجهين صحيح لفظاً ومعنى { وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ } فى اخبار كثيرة انّ المراد ذو عدل وهو العدل الآلهىّ من الرّسول (ص) والامام وتثنية ذوا عدل خطأ من الكتّاب ولفظ الكتاب ذو عدل بدون الالف، ولمّا لم يرخّص فى الشّريعة الآلهيّة لشيء من القياس كان هذه الكلمة ذا عدلٍ بالافراد وكان ذا عدلٍ مختصّاً بالحاكم الآلهىّ حتّى يسدّ باب القياس بالكلّيّة، وان لم يكن كذلك جاز لمجوّز القياس التّمسّك به فى جواز قياسه { هَدْياً بَالِغَ ٱلْكَعْبَةِ } كيفيّة بلوغه الكعبة موكولة الى الفقه { أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً } كما فصّل فى الفقه { لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ } وثقل هتكه لحرمة الحرم { عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَف } على زمان الحكم بحرمة قتل الصّيد { وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } عن الصّادق (ع) فى محرم اصاب صيداً؟ - قال: عليه الكفّارة، قيل فان اصاب آخر؟ - قال: فان اصاب آخر فليس عليه كفّارة وهو ممّن قال الله تعالى: { وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ } ، وفى معناه اخبار أخر، وعنه اذا اصاب المحرم الصّيد خطأ فعليه الكفّارة فان اصاب ثانيةً خطأ فعليه الكفّارة ابداً اذا كان خطأ، فان اصابه متعمّداً كان عليه الكفّارة، فان اصابه ثانية متعمّداً فهو ممّن ينتقم الله منه ولم يكن عليه الكفّارة، وعلى هذا فمعنى عفا الله عمّا سلف عفا عن الدّفعة الاولى السّابقة على الثّانية.