الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّا نَصَارَىٰ ذٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ }

{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } لانّهم لتوغّلهم فى الدّنيا وعدم توجّههم الى الآخرة بسبب بعد زمان نبيّهم واندراس شريعته واستبدال احكامه صارت احوالهم بعيدة عن احوال المؤمنين لتوجّههم الى الآخرة وتلبّسهم الاحكام الشّرعيّة فلم يبق مجانسة بينهما بوجهٍ من الوجوه، والعداوة ناشئة من عدم المجانسة كما انّ المحبّة ناشئة من المجانسة { وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ } وضع الظّاهر موضع المضمر ليكون تصريحاً بانّ ملاك عداوة اولئك ومحبّة هؤلاء هو الايمان لا غير { ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّا نَصَارَىٰ } لم يقل النّصارى لانّ هذا الاسم لاشتقاقه من النّصرة يدلّ على انّهم انصار الله ولو كانوا انصار الله لكانوا تابعى محمّد (ص) كذا قيل، او لانّ التّنصّر يكون بالتّديّن بدين عيسى (ع) على شرائطها من البيعة مع خلفائه واخذ الميثاق منهم وهؤلاء انتحلوا التّنصّر كانتحال التّشيّع لاكثر الشّيعة من غير القائلين بالائمّة الاثنى عشر، وامّا اسم اليهود فانّه يطلق عليهم لكونهم من نسل يهودا بن يعقوب او من اتباع اولاده الّذين فيهم النّبوّة وان كان اتّفق تديّنهم بدين موسى (ع) { ذٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ } العلماء الّذين يأمرونهم بأحكام الانجيل من العقائد والاحكام الفرعية { وَرُهْبَاناً } الزّهّاد الّذين تركوا الدّنيا واشتغلوا بالعبادة وتحصيل العقبى، اعلم انّ كلّ شريعة من لدن آدم (ع) كانت مشتملةً على السّياسات والعبادات القالبيّة وعلى العبادات والتّهذيبات القلبيّة ولكلّ منهما كان اهل ورؤساء يبيّنها لمن اراد التّوسّل بها واتباع يعمل بها ويسمّى رؤساء كلّ منهما فى كلّ ملّة باسم خاصّ كالاحبار والرّهبان فى ملّة النّصارى والموبد والهربد فى ملّة العجم، والمجتهد والصّوفى، او العالم والعارف او العالم والتّقى فى ملّة الاسلام، والمقصود انّ النّصارى بواسطة عدم بعد زمان نبيّهم وعدم اندراس احكامهم وعدم انقطاع علمائهم الّذين يأمرونهم بطلب الآخرة قالاً وعدم انقطاع مرتضياتهم الّذين يأمرونهم حالاً طالبون للآخرة ومجانسون للمؤمنين فهم محبّون لهم لمجانستهم { وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } عن انقياد الحقّ.