الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } اعلم، انّ للنّصارى كاليهود وكالمسلمين مذاهب مختلفة فى فروعهم واصولهم، فمنهم من قال بالاقانيم الثّلاثة، الاب والابن وروح القدس، والاقنوم بمعنى الاصل وهؤلاء معظم النّصارى يقولون: انّ الاله ذات واحدة لا كثرة فيه وانّه تشأّن بشؤنٍ ثلاثة بشأنى الابوّة والبنوّة وبشأن روح القدس، ولا ينفصم وحدته بتشأّنه ويمنعون من القول بانّ الالهة ثلاثة وبانّ الله ثالث ثلاثة وقيل بالفارسيّة.
در سه آئينه شاهد ازلى   برتوا از روى تابناك افكند
سه نكَردد بريشم اراو را   برنيان خوانى و حرير وبرند
لكنّ الاتباع لعدم تجاوزهم عن المحسوسات والكثرات اذا تفوّهوا بمثل هذه المقالة لا يدركون منها غير الالهة الثّلاثة، وانّ الله الّذى هو ابٌ باعتقادهم واحد من الثّلاثة ولا يدركون منها ما يريد منها محقّقوهم من انّه تعالى حقيقة واحدة مقوّمة لكلّ ممكن متجلّية فى كلّ مظهر، واختصاص بعض المظاهر بالمظهريّة انّما هو لشدّة ظهوره تعالى فيه، انّ عيسى (ع) وروح القدس لمّا كان كلّ واحد منهما اتمّ مظهر له تعالى وكذا ما سمّى بالاب سمّوهم باسم الاقانيم فردّ الله تعالى عليهم مقالتهم الّتى يلزمها التّحديد والتّشبيه لله تعالى، وما ورد فى الآيات والاخبار من انّه تعالى رابع ثلاثة انّما هو للاشارة الى قيّوميّته تعالى لكلّ الاشياء وظهوره بكلّ مظهر ودخوله فى كلّ الاشياء بالممازجة ولا كدخول شيءٍ فى شيءٍ { وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } هو الحقيقة الغيبيّة الظّاهرة فى كلّ المظاهر { وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ } حتّى يقول الاتباع بتقليد المتبوعين بالالهة الثّلاثة فيكفروا من حيث لايعلمون { لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ } اى الّذين قالوا انّ الله هو المسيح والّّذين قالوا انّ الله ثالث ثلاثة { عَذَابٌ أَلِيمٌ } يعنى انّهم بقولهم على الله ما لا يجوز فى حقّه ما لا يجوز فى حقّه ممتازون بالعذاب الاليم، وامّا رؤساؤهم الّذين ما قالوا على الله ما لا يجوز فى حقّه ولم يكفروا مثل الاتباع من هذه الجهة فلهم عذاب ايضاً بانكارهم نبوّة محمّد (ص) والقاء كلمة لا يدرك الاتباع المقصود منها.