الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَابَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }

{ لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ } حيث قالوا بآلهة عيسى (ع) وحصروها فيه امّا بالاتّحاد كما هو زعم بعضٍ او بالحلول كما هو زعم بعضٍ، او بالفناء من نفسه والبقاء بالله وظهور الله فيه كما هو زعم آخرين، وبطلان الاتّحاد والحلول لمن ذاق من رحيق التّوحيد لا يحتاج الى مؤنة فانّهما مسلتزمان للاثنينيّة والثّانى للحقّ تعالى وهو محال وقد قيل:
حلول واتّحاد اينجا محال است   كه دروحدت دوئى عين ضلال است
وبطلان الثّالث ايضاً لا يحتاج الى مؤنةٍ باعتبار الحصر ولمّا كان أتباع ملّة النّصارى تفوّهوا بهذا القول من غير تحقيقٍ وتعمّق وذهبوا الى التّجسّم المتوهّم من ظاهره، حكم تعالى عليهم بالكفر وهذا كما مضى مذهب طائفة منهم تسمّى باليعقوبيّة، ومضى انّ محقّقيهم قالوا بانّ فيه جوهراً آلهيّاً وجوهراً آدميّاً وليس ههنا مقام تفصيل هذا المطلب وتحقيقه { وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ } الانسب ان يكون الجملة حالاً بتقدير قد ليكون ابلغ فى تفضيحهم وليكون احتجاجاً عليهم بقوله تعالى { يَابَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } يعنى انّى مربوب مثلكم فاعبدوا من هو ربّى كما انّه ربّكم { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ } شيئاً كائناً ما كان وهو مقول قول عيسى (ع) او ابتداء كلام من الله { فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ } لانّه أخطأ طريقها وهو التّوحيد { وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ } لانّ من أخطأ طريق الجنّة سلك طريق النّار لا محالة لعدم الواسطة ولكونه متحرّكاً الى جهة من الجهات وخارجاً من القوى الى الفعليّات { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } وضع المظهر موضع المضمر اشعاراً بظلمه وبعلّة الحكم فانّ الظّالم كما لا يتصّور له ولىّ يتولّى اموره ويربّيه كذلك لا يتصوّر له ناصر ينصره من عذاب الله فانّ النّصير والولىّ هما النّبىّ (ص) والولىّ (ع) وخلفاؤهما، والظّلم عبارة عن الانصراف والاعراض عنهما وعن التّوحيد، والمعرض لا يستحقّ القبول لانّه لا اكراه فى الدّين ومن لم يكن مقبولاً لم يكن له نصرة ولا ولاية، واكتفى بذكر الانصار لانّه اذا لم يكن له ناصر لم يكن له ولىّ بطريق اولى، او لانّه يستعمل كلّ من النّصير والولىّ فى الاعمّ منهما اذا انفرد، او هذا كان تعريضاً بمن قال بعد ذلك فى الائمّة (ع) مثل ما قالوه فى المسيح (ع).