الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً }

شرحٌ فى صلح الحديبية

{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } فتح كمنع ضدّ اغلق كفتّح من التّفعيل وافتح، والفتح النّصر كالفتاحة بفتح الحاء، ومنه الاستفتاح وافتتاح دار الحرب والحكم بين الخصمين كالفتاحة بالكسر والضّمّ وكالفتح بالضّمّتين، ويستعمل فى معنى العلم وفى انبساط القلب واتّصاله بعالم الملكوت ومشاهداته، وفيما يصل الى الانسان من جهة الباطن او من جهة الظّاهر من انواع فضل الله والكلّ مناسبٌ ههنا، وقد قيل بكلٍّ منها ببعضها صريحاً وببعضها تلويحاً، فقيل: معناه قضينا لك، وقيل: يسّرنا لك، وقيل: اعلمناك، وقيل: ارشدناك، وقيل: فتحنا البلاد لك، وقيل: اظفرناك على الاعداء بالحجّة والمعجزة حتّى لم يبق معاندٌ للاسلام، وقيل: المراد به فتح مكّة له (ص)، وقيل: المراد به صلح الحديبيّة، وقيل: لم يكن فتح اعظم من صلح الحديبيّة، وذلك انّ المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكّن الاسلام فى قلوبهم واسلم فى ثلاث سنين خلق كثيرٌ وقيل: بويع محمّدٌ (ص) بالحديبيّة بيعة الرّضوان واطعم نخيل خيبر، وظهرت الرّوم على فارس، وفرح المسلمون بظهور اهل الكتاب وهم الرّوم على المجوس اذ صدق به قوله تعالىوَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ } [الروم:3]، وعن الصّادق (ع) قال: سبب نزول هذه السّورة وهذا الفتح العظيم انّ الله عزّ وجلّ امر رسوله فى النّوم ان يدخل المسجد الحرام ويطوف ويحلّق مع المحلّقين فاخبر اصحابه وامرهم بالخروج فخرجوا، فلمّا نزل ذا الحليفة احرموا بالعمرة وساقوا البُدُن وساق رسول الله (ص) ستّة وستّين بدنة واشعرها عند احرامه واحرموا من ذى الحليفة ملبّين بالعمرة وقد ساق من ساق منهم الهدى معرّاتٍ مجلّلات، فلمّا بلغ قريشاً ذلك بعثوا خالد بن الوليد فى مأتى فارسٍ كميناً ليستقبل رسول الله (ص) وكان يعارضه على الجبال فلمّا كان فى بعض الطّريق حضرت صلاة الظّهر فأذّن بلالٌ فصلّى رسول الله (ص) بالنّاس فقال خالد بن الوليد: لو كنّا حملنا عليهم وهم فى الصّلاة لاصبناهم فانّهم لا يقطعون صلاتهم ولكن تجيء الآن لهم صلاة اخرى احبّ اليهم من ضياء ابصارهم فاذا دخلوا فى الصّلاة اغرنا اليهم، فنزل جبرئيل على رسول الله (ص) بصلاة الخوف فلمّا كان فى اليوم الثّانى نزل رسول الله (ص) الحديبيّة وهى على طرف الحرم وكان رسول الله (ص) يستنفر الاعراب فى طريقه معه فلم يتّبعه احد ويقولون: ايطمع محمّدٌ (ص) واصحابه ان يدخلوا الحرم وقد غزتهم قريش فى عقر ديارهم فقتلوهم، انّه لا يرجع محمّد (ص) واصحابه الى المدينة ابداً، فلمّا نزل رسول الله (ص) الحديبيّة خرجت قريش يحلفون باللاّت والعزّى لا يدعون رسول الله (ص) يدخل مكّة وفيهم عينٌ تطرف فبعث اليهم رسول الله (ص)

السابقالتالي
2 3