الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

{ فَٱصْبِرْ } ولا تجزع على أذاهم ولا تستعجل عذابهم { كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ } المشهور من اخبارنا انّ اولى العزم من الرّسل خمسة، نوح وابراهيم وموسى وعيسى (ع) ومحمّد (ص) وسمّوا اولى العزم لانّ شريعتهم كانت ناسخةً لما سبق من الشّرائع وكانت حتماً على كلّ الخلائق بخلاف سائر الانبياء (ع) فانّ شريعتهم كانت شريعة من سبقهم، وكانت فى قومٍ دون قومٍ، وعلى هذا يكون من فى قوله تعالى من الرّسل للتّبعيض، وقيل: جميع الرّسل كانوا اولى العزم فانّهم لم يكونوا على تردّدٍ من امرهم فيكون من للتّبيين، وقيل: اولو العزم كانوا ستّةً، نوح صبر على اذى قومه، وابراهيم صبر على النّار، واسحاق صبر على الذّبح، ويعقوب صبر على فقد الولد وذهاب البصر، ويوسف صبر فى البئر والسّجن، وايّوب صبر على الضّرّ والبلوى، وقيل: هم الّذين امروا بالجهاد والقتال واظهروا المكاشفة وجاهدوا فى الدّين، وقيل: هم ابراهيم وهود ونوح (ع) ورابعهم محمّد (ص) { وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ } العذاب فانّه كائن لا محالة عن قريبٍ { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ } من العذاب { لَمْ يَلْبَثُوۤاْ } فى التّنعّم والدّنيا { إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ } يعنى انّ المكث فى الدّنيا وان كان اطول زمانٍ ليس الاّ كساعة فمالك تستعجل العذاب الوارد عليهم عن قريبٍ { بَلاَغٌ } خبر مبتدءٍ محذوفٍ والجملة صفة ساعة، او جوابٌ لسؤالٍ مقدّرٍ اى هذه السّاعة ليست لتمتّعهم بل هى بلاغ لهم الى يوم يرونه فهو تسليةٌ اخرى له (ص) وعلّة اخرى لنهيه عن الاستعجال، او هذا اللّبث بلاغ لهم الى هذا اليوم، او مبتدء خبرٍ محذوفٍ اى لهم بلاغ سيبلغون الى هذا اليوم فلا تستعجل، او لهم بلاغ الى هذا اليوم الآن فانظر حتّى ترى فانّ الكلّ بوجهٍ فى نظر البصيرة فى القيامة والحساب، او المعنى هذا القرآن، او هذه المواعظ والتّهديدات، او ولاية علىٍّ (ع) تبليغ منك لرسالتك فلا تكترث بهم قبلوا او ردّوا { فَهَلْ يُهْلَكُ } عن الحياة الانسانيّة { إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ } الخارجون عن طاعة ولاة الامر فلا تحزن على الهالكين، قيل: ما جاء فى الرّجاء شيءٌ اقوى من هذه الآية.