الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } * { قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ }

{ وَإِذْ صَرَفْنَآ } واذكروا وذكّر قومك اذ صرفنا { إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ } والمعنى صرّفناهم اليك من محالّهم بالتّوفيق، وقيل: صرّفناهم اليك عن استراق السّمع من السّماء برجوم الشّهب ولم يكونوا بعد عيسى قد صرفوا منه فقالوا: ما هذا الّذى حدث فى السّماء الاّ من اجل شيءٍ قد حدث فى الارض فضربوا فى الارض حتّى وقفوا على النّبىّ (ص) وهو يصلّى الفجر فاستمعوا القرآن { يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ } اى النّبىّ (ص) او القرآن { قَالُوۤاْ } بعضهم لبعضٍ { أَنصِتُواْ } نستمع قراءته بلا مانعٍ { فَلَمَّا قُضِيَ } فرغ منه { وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ قَالُواْ } بدل من منذرين او حالٌ او مستأنفٌ جوابٌ لسؤالٍ مقدّرٍ { يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } من الكتب { يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } المراد بالحقّ احكام الملّة وبالطّريق المستقيم الولاية او بالعكس، او المراد بهما هى الولاية من قبيل عطف اوصافٍ متعدّدةٍ لشيءٍ واحدٍ.

نقل انّه لمّا توفّى ابو طالبٍ اشتدّ البلاء على رسول الله (ص) فعمد ليقف بالطّائف رجاء ان يؤووه فوجد ثلاثة نفرٍ منهم هم سادة وهم اخوة فعرض عليهم نفسه، فقال احدهم: انا اسرق ثياب الكعبة ان كان الله بعثك بشيءٍ قطّ، وقال الآخر: اعجز على الله ان يرسل غيرك؟ - وقال الآخر: والله لا اكلّمك بعد مجلسك هذا ابداً، فلئن كنت رسولاً كما تقول فأنت اعظم خطراً من ان يُردّ عليك الكلام وان تكذب على الله فما ينبغى لى ان اكلّمك، وتهزؤا به وافشوا فى قومه ما راجعوه به، فقعدوا له صفّين على طريقه، فلمّا مرّ رسول الله (ص) بين صفّيهم جعلوا لا يرفع رجليه ولا يضعهما الاّ رضخوهما بالحجارة حتّى ادموا رجليه، فخلص منهم وهما يسيلان دماً الى حائط من حوائطهم واستظلّ فى ظلٍّ منه وهو مكروبٌ موجع تسيل رجلاه دماً، فاذا فى الحائط عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة فلمّا رآهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهما لله ولرسوله، فلمّا رأياه ارسلا اليه غلاماً لهما يُدعى عداس معه عنبٌ وهو نصرانىّ من اهل نينوى فلمّا جاءه قال له رسول الله (ص): " من اى ارضٍ انت؟ - قال: من اهل نينوى، قال: من مدينة العبد الصّالح يونس بن متّى؟ - فقال له عداس: وما يدريك من يونس بن متّى؟ - فقال: انا رسول الله (ص)، والله تعالى اخبرنى خبر يونس بن متّى " ، فلمّا اخبره بما أوحى الله اليه من شأن يونس خرّ عداس ساجداً لرسول الله (ص) وجعل يقبّل قدميه وهما يسيلان الدّماء، فلمّا بَصر عتبة وشيبة ما يصنع غلامهما سكتا فلمّا أتاهما قالا: ما شأنك سجدت لمحمّدٍ (ص) وقبّلت قدميه؟ - ولم تُرَك فعلت ذلك باحدٍ منّا؟ - قال: هذا رجل صالح اخبرنى بشيءٍ عرفته من شأن رسولٍ بعثه الله الينا يُدعى يونس بن متّى فضحكا وقالا: لا يفتننّك عن نصرانيّتك فانّه رجل خدّاع، فرجع رسول الله (ص) الى مكّة حتّى اذا كان بنحلة قام فى جوف اللّيل يصلّى فمرّ به نفرٌ من جنّ اهل نصيبين من اليمن، فوجدوه يصلّى صلاة الغداء ويتلو القرآن فاستمعوا له، وروى غير ذلك فى قصّة صرف الجنّ اليه، من اراد فليرجع الى المفصّلات.