الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ }

{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ } ما ينبغى له وما كان فى سجّيّته { أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ } لانّ البشريّة لتحدّدها بحدودٍ كثيرةٍ سفليّةٍ لو سمعت كلام الله من دون تنزّله الى مقام البشريّة المحدودة لفنت وهلكت لانّه كالشّمس وحدود البشريّة كالفيء { إِلاَّ وَحْياً } الوحى فى اللّغة الاشارة والكتابة والمكتوب والرّسالة والالهام والكلام الخفىّ وكلّما القيته الى غيرك لكنّ المراد معه هنا معنىً اعمّ من الالهام والكتابة اى الكتابة فى الالواح الغيبيّة والرّسالة لكن رسالة الملك مثل جبرئيل { أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } مثل تكلّمه مع موسى (ع) من الشّجرة ومثل تكلّمه مع محمّدٍ (ص) ليلة المعراج من وراء السّتر { أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً } اى الاّ ان يرسل رسولاً بشريّاً { فَيُوحِيَ } ذلك الرّسول البشرىّ { بِإِذْنِهِ } اى يتكلّم مع سائر البشر بكلامٍ خفىّ البطون جلّى الظّهور فانّ كلام ذلك الرّسول البشرىّ لكونه نائباً عن الله تعالى شأنه ومظهراً له كلام الله، ولكلامه بمضمون ما ورد فى الاخبار الكثيرة انّ حديثهم صعبٌ مستصعبٌ وسرٌّ مستسرٌّ ومقنّع بالسّرّ بطون خفيّةٌ غاية الخفاء وظهر جلّى غاية الجلاء، وقرئ يرسل ويوحى بالنّصب عطفاً على وحياً بجعله تميزاً او مفعولاً مطلقاً من غير لفظ الفعل، وقرءا بالرّفع عطفاً على وحياً بجعله حالاً بمعنى الفاعل { مَا يَشَآءُ } الرّسول او الله تعالى او ما يشاء ذلك البشر الّذى ارسل الله اليه بلسان استعداده { إِنَّهُ عَلِيٌّ } فلا يقدر على سماع كلامه بشر دانٍ { حَكِيمٌ } لا يدعهم من غير تكلّمٍ معهم لاقتضاء حكمته القاء الحكم والمصالح اليهم واقتضائها جعل الوسائط فى ذلك الالقاء حتّى لا يهلكوا حين الالقاء.