الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ }

{ نُزُلاً } حال كون ما تشتهى نفوسكم وما تدّعون مهيّأً لكم لتشريف نزولكم { مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } عن الصّادق (ع) قال: ما يموت موالٍ لنا مبغضٌ لاعدائنا الاّ ويحضره رسول الله (ص) وامير المؤمنين والحسن (ع) والحسين (ع) فيرونه ويبشّرونه، وان كان غير موالٍ يراهم بحيث يسوءه، والدّليل على ذلك قول امير المؤمنين (ع) لحارث الهمدانىّ:
يا حار همدان من يمت يرنى   من مؤمنٍ او منافقٍ قبلاً
وفى تفسير الامام (ع) عند قوله تعالى: ويَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُواْ ٱللَّهِ } [الآية: 249] من سورة البقرة، قال رسول الله (ص): " لا يزال المؤمن خائفاً من سوء العاقبة ولا يتيقّن الوصول الى رضوان الله حتّى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت له، وذلك انّ ملك الموت يرد على المؤمن وهو فى شدّة علّته وعظيم ضيق صدره بما يخلّفه من امواله وبما هو عليه من اضطراب احواله من معامليه وعياله قد بقيت فى نفسه حسراتها واقتطع دون امانيّه فلم ينلها، فيقول له ملك الموت: مالك تجرّع غصصك؟ قال لاضطراب احوالى واقتطاعك لى دون آمالى! - فيقول له ملك الموت: وهل يحزن عاقل من فقد درهم زائف واعتياض الف الفٍ ضعف الدّنيا؟ فيقول: لا، فيقول ملك الموت، فانظر فوقك، فينظر فيرى درجات الجنان وقصورها الّتى يقصر دونها الامانىّ، فيقول ملك الموت: تلك منازلك ونعمك واموالك واهلك وعيالك ومن كان من اهلك ههنا وذرّيّتك صالحاً فهم هنالك معك، أفترضى بهم بدلاً ممّا ههنا؟ فيقول: بلى والله، ثمّ يقول: انظر، فينظر فيرى محمّداً (ص) وعليّاً (ع) والطّيّبين من آلهما فى اعلى عليّين، فيقول: او تريهم؟! هؤلاء ساداتك وائمّتك هم هناك جلاّسك وانّاسك، أفما ترضى بهم بدلاً ممّا تفارق هنا؟ - فيقول: بلى وربّى، فذلك ما قال الله عزّ وجلّ: { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ.. } [فصلت: 30] انّ الّذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة الاّ تخافوا ولا تحزنوا فما امامكم من الاحوال فقد كفيتموها ولا تحزنوا على ما تخلّفونه من الذّرارى والعيال فهذا الّذى شاهدتموه فى الجنان بدل منهم وابشروا بالجنّة الّتى كنتم توعدون وهذه منازلكم وهؤلاء ساداتكم أنّاسكم وجلاّسكم ".