الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوۤاْ إِلَى ٱلطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوۤاْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً }

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوۤاْ إِلَى ٱلطَّاغُوتِ } اى الخارج من حكومة العقل الّذى هو علىّ (ع) البالغ فى الطغيان عليه { وَقَدْ أُمِرُوۤاْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ } اى بمن خرج عن حكومة العقل وحكم الله { وَيُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً } بعد ما بيّن وجوب طاعة الله فيما انزل وطاعة الرّسول فيما حكم وطاعة ولىّ الامر يعنى صاحب الامارة الباطنة وصاحب عالم الامر مقابل الخلق وبيّن وجوب الرّدّ الى كتاب الله والى الرّسول (ص) وقد عيّن فى الكتاب وبيّن الرّسول من هو ولىّ الامر وترجمان الكتاب والسّنة وقد لزم منه انّ من خرج عن طاعة الله وطاعة الرّسول (ص) ونبذ قولهما فى تعيين ولىّ الامر وراء ظهره لم يكن مؤمناً وظهر ذلك بحيث لاخفاء فيه خاطب رسوله على سبيل التّعجيب من بلادة من اتّبع الشّيطان باضلال الطّاغوت فانّ القضيّة وان لم تكن بعد لكنّها مشهودة لمحمّد (ص) فالآية ان كانت نازلة فى الزّبير بن العوّام ورجل من اليهود كما ورد انّ الزّبير نازع يهوديّاً فى حديقة فقال الزّبير: نرضى بابن شيبة اليهودىّ وقال اليهودىّ: نرضى بمحمّد (ص) فنزلت حرمة المحاكمة الى الطّاغوت وسلاطين الجور وقضاتهم، وحرمة ما اخذ بحكمهم قد وردت عن ائمّتنا المعصومين، فعن الصّادق (ع) للاشارة الى تعميم الآية: ايّما رجل كان بينه وبين اخ له مماراة فى حقّ فدعاه الى رجلٍ من اخوانه ليحكم بينه وبينه فأبى الاّ ان يرافعه الى هؤلاء كان بمنزلة الّذين قال الله: الم ترى الى الّذين يزعمون (الآية)، وعنه انّه سئل عن رجلين من اصحابنا يكون بينهما منازعة فى دين او ميراث فتحاكما الى السّلطان او الى القضاة؛ ايحلّ ذلك؟ - فقال: من تحاكم الى الطّاغوت فحكم له فانّما يأخذ سحتاً وان كان حقّه ثابتاً لانّه اخذ بحكم الطّاغوت وقد امر الله ان يكفر به، قيل: كيف يصنعان؟ـ قال: انظروا الى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر فى حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فارضوا به حكماً فانّى قد جعلته عليكم حاكماً فاذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فانّما بحكم الله استخفّ وعلينا ردّ، والرادّ علينا الرادّ على الله وهو على حدّ الشرك بالله.

تحقيق حديث انظروا الى من كان منكم

وقد روى هذا الخبر فى الكافى بتغيير يسير وقوله: الى من كان منكم مقصوده من كان قد دخل فى هذا الامر وعرف ولايتنا وقبل الدّعوة الباطنة وبايع معنا البيعة الخاصّة الولويّة لامن انتحل الاسلام كاكثر العامّة او بايع على يد من لا يجوز البيعة على يده كخلفاء الزّور، وقوله: قد روى حديثنا، مراده انّ العارف لهذا الامر لا ينصب نفسه لرواية الحديث الاّ ان يؤذن له بحسب استعداده واستحقاقه وقوله: نظر فى حلالنا وحراما يعنى به انّ الدّاخل فى هذا الامر ما لم يستعدّ للنّظر فى حلالنا وحرامنا بخروجه من حكومة النّفس والشّيطان وباصلاح نفسه بقدر استعداده من تخليته عن الرّذائل وتحليته بالفضائل لا يؤذن له فى النّظر الى ما هو خارج عن نفسه بل يلقى اليه ما هو تكليفه ويؤمر بالعمل به حتّى يخلص من غوائل نفسه فاذا خلص يؤذن له فى النّظر الى ما هو خارج عن نفسه، وقوله: عرف احكامنا، يعنى بسماع اشخاصها منّا او بسماع كليّاتها بحيث تنطبق على الجزئيّات لانّ المعرفة تستعمل فى العلوم الجزئيّة الحاصلة من المدارك الجزئيّة وقوله: فارضوا به حكماً، يعنى انّ الاوصاف المذكورة تدلّ على انّه منصوب منّا مأذون من قبلنا وكلّ من كان منصوباً منّا لا بدّ من الرّضا بحكومته لانّ حكومته باذننا هى حكومتنا، وقوله: فانّى قد جعلته عليكم حاكماً، مؤكّداً بانّ واسميّة الجملة وتكرار النّسبة بتقديم المسند اليه قريناً بقد وما ضويّة المسند يدلّ مثل سابقه على انّ الجعل والنّصب قد وقع منه سابقاً؛ فالحديث دليل على الاذن الخاصّ الحاصل للموصوف بهذه الاوصاف وعلى انّ هذه الاوصاف امارات هذا الاذن.

السابقالتالي
2