الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ } فيما انزل ولا سيّما عمدة ما انزل وهى ما به صلاحكم ورفع نزاعكم وردّ خلافكم وهو تعيين من ترجعون اليه فى جملة اموركم الدّنيويّة والاُخرويّة وفيما اشتبه عليكم وهى قولهإِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [المائدة:55] (الى آخرها) فانّه لا خلاف بينهم انّه فى علىّ (ع) { وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } فيما آتاكم وفيما نهاكم عنهوَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ } [الحشر:7] ولا سيّما عمدة ما آتاكم وهى قوله بعد ما قال: الست اولى بكم من انفسكم، الا ومن كنت مولاه فهذا علىّ (ع) مولاه؛ ولا خلاف بينهم انّه من الرّسول (ص).

تحقيق معنى اولى الامر

{ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } لم يكرّر اطيعوا اشارةً الى تعيين اولى الامر وانّ اولى الامر من كان شأنه شأن الرّسول وامره امره وطاعته طاعته حتّى لا يكون لكلّ طاعة غير طاعة الآخر، وتفسير اولى الامر بامراء السّرايا والسّلاطين الصّوريّة الاسلاميّة نقض لصدر الآية او التزام نسخ له او التزام اجتماع النّقيضين لانّه لا نزاع فى وجوب طاعتهم فى امر الدّنيا او لمحض التّقيّة؛ انّما النّزاع فى طاعتهم فى امر الدّين من غير تقيّة ويلزم منه ما ذكر، لانّ واو العطف للجمع والسّلاطين بعضهم فسّاق وقد يكون امرهم خلاف امر الله وامر رسوله (ص) فلا يمكن الجمع بين الطّاعات الثّلاث فوجوب طاعتهم امّا ناقض لوجوب طاعة الرّسول (ص) او ناسخ له او التزام لاجتماع النّقيضين، فانّ السّلاطين الجائرة يكون امرهم بقتل النّفس المحرّمة مناقضاً لنهيه تعلى عنه وكذا حال امرهم بشرب الخمر لندمائهم مع نهيه تعالى عنه، وتقريره انّه اذا كان المراد باولى الامر السّلاطين على ما زعموا يلزم وجوب طاعتهم فى جميع ما امروا ونهوا بصريح الآية وعدم ما يخصّصه، لا يقال: المخصّص هو صدر الآية فانّ الامر بطاعة الله والرّسول (ص) مقدّماً على طاعة السّلطان يفيد وجوب طاعة السّلطان فيما لا ينافى طاعتهما، لانّا نقول: يكون الامر بطاعة السّلطان حينئذ لغواً لانّ امره ان كان مطابقاً لامرهما فالامر بطاعة الاوّلين كافٍ عن ذلك الامر، وان كان منافياً فوجوب طاعتهما يفيد عدم وجوب طاعته، وان كان غير معلوم مطابقته وعدمها فامّا ان نكون مأمورين بتشخيص المطابقة وعدمها ثمّ بالطّاعة وعدمها فبعد التّشخيص يأتى الشّقّان، او لم نكن مأمورين بتشخيص المطابقة فامّا ان نلتزم انّ امره مبيّن لأمر الله ورسوله ومطابق له فهو خلاف الفرض والتزام لمذهب الخصم، او لا نلتزم ذلك فيلزم حينئذٍ من الامر بطاعته الاغراء بالحرام من الله والتّوالى باطلة، وكلّما وجب طاعة السّلاطين فى جميع ما امروا ونهوا يلزم وجوب طاعتهم فيما يخالف امر الله ونهيه ويناقضهما؛ فامّا ان يكون وجوب طاعتهم مقدّماً على وجوب طاعة الله مع بقاء وجوبها فيكون نقضاً او رافعاً لوجوب طاعته وبياناً لانتهاء امد وجوبها فيكون نسخاً او نلتزم بقاء الوجوبين فجواز اجتماع النّقيضين، فان تعلّق الامر والنّهى بقضيّةٍ واحدة فى زمان واحد مستلزم لجواز ايجاب تلك القضيّة وسلبها وهو التّناقض.

السابقالتالي
2 3 4 5