الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }

{ وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } لمّا أراد أن يبيّن آداب حسن النّسبة مع الاحقّاء ببذل المحبّة وحسن الصّحبة قدّم نفسه لانّه احقّ الاحقّاء بحسن النّسبة وبذل الخدمة وبيّن طريق حسن النّسبة معه باخلاص العبوديّة ونفى الشّركة فى العبوديّة لانحصاره فيهما واطلق طريق حسن النّسبة مع غيره لعدم انحصاره فى امر مخصوص ورتّب المستحقّين للخدمة بحسب ترتّبهم فى الاستحقاق ولتعميم الوالدين للرّوحانيّين واستحقاقهما التّفرّد فى النّظر وعدم الاشراك بهما ولذلك فسّر الكفر والشّرك فى الآيات فى تفاسير المعصومين (ع) بالكفر والاشراك بعلىّ (ع) او بالولاية قرنهما بنفسه، واسقط الفعل واخّر المصدر ليوهم انّ قوله بالوالدين عطف على الجارّ والمجرور وانّ المعنى { وَ } لا تشركوا { بِٱلْوَالِدَيْنِ } احسنوا { إِحْسَاناً } بهما { وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ }.

تحقيق الوالدين وسائر الاقرباء وتعميمهم

والوالدان هما الّلذان باعدادهما وحركاتهما المخصوصة اوجد الله نطفتك واصل مادّتك وهذه السّببيّة كلّما كانت في شيء اقوى كان باسم الوالد احرى وان كان العامّة العمياء يخصّون هذا الاسم بالمعدّ لنطفتك الجسمانيّة غافلين عن كيفيّة تولّدك الرّوحانىّ فالافلاك والعناصر آباء للمواليد، والعقل والنّفس الكلّيان والدان لعالم الطّبع، اذ بالقاء الافلاك بحركاتها الدوريّة وكواكبها الّتى هى كالقوى الانسانيّة الآثار على العناصر وقبول العناصر لها كتأثّر النّساء عن الرّجال وقبول ارحامهنّ لنطفهم يتولّد المواليد وتنمو وتبقى وهى فى بقائها ونمائها ايضاً محتاجة الى تلك الآباء بخلاف حاجة الحيوان الى آبائها الجسمانيّة فانّها بعد حصول مادّتها وحصول قوام ما لمادّتها مدّة كونها فى الرّحم غير محتاجة الى آبائها، وبالقاء العقل الكلّىّ نقوش العالم على لوح النّفس الكلّيّة الّتى هى كالبذور يوجد عالم الطّبع وعالم الطّبع في بقائه محتاج الى ذينك الوالدين، هذا فى العالم الكبير وامّا فى العالم الصّغير الانسانىّ فبعد تسويته يوجد آدم الصّغير وحوّاء الصّغرى بازدواج العقل والنّفس وبازواجهما يولد بنو آدم وذرّيّتهما، وبازدواج الشّيطان والنّفس الامّارة يولد بنو الجانّ وذرّيّة الشّيطان، هذا بحسب التّكوين فى العالمين، وامّا بحسب الاختيار والتّكليف وهو مختصّ بالانسان الضّعيف فقد جرت السّنّة الآلهيّة ان يكون توليد المواليد الاختياريّة من القلب ومراتبه وجنوده الخلقّية والعلميّة والعيانيّة بتعاضد نفسين مأذونتين من الله وايصالهما اثر الامر الآلهىّ الى المكلّف بتعاضدهما لتطابق التّكليف والتّكوين فانّ الاوامر التّكليفيّة متسبّبة عن الاوامر التّكوينيّة وموافقة لها، وان لم ندرك فى بعضها كيفيّة التّوافق لعدم العلم بالتّكوين وتلك السّنّة كانت جارية من لدن آدم (ع) الى زماننا هذا وتكون باقيةً الى انقراض العالم، وان لم يبق لها اثر ولا بين العامّة منها ذكر ولا خبر. فانّ صحّة الاسلام فى الصّدر ودخول الايمان فى القلب ما كان الاّ بتعاضد شخصين يكون احدهما مظهراً للعقل الكلّىّ والآخر مظهراً للنّفس الكلّيّة واخذهما البيعة العامّة النّبويّة او البيعة الخاصّة الولويّة بالكيفيّة المخصوصة والميثاق المخصوص: انا وعلىّ (ع) ابوا هذه الامّة يهديك؛

السابقالتالي
2 3