الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَٰتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَالَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ الَّٰتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَٰئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }

{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } اى نكاحهنّ بقرينة الحال والمقام { وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ } تعميم الامّهات للجدّات والبنات للاحفاد ممّا يفيده ظاهر اللّفظ ولا خلاف بين الفريقين فى حرمتها وان علون ونزلن وكذا العمّات والخالات وان علون وهذا بيان المحرّمات بالنّسب والملاك هو انّ اصولك وفروعك تماماً واوّل فرع من اصولك والفروع الّتى نشأت من اوّل اصولك محرّمة بالنّسب والمحرّمات بالسّبب امّا بالرّضاع وامّا بالمصاهرة وامّا بالمانع فبيّنها تعالى شأنه بقوله تعالى { وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَاعَةِ } بيان المحرّمات بالرّضاع مجملة بيّنها لنا اهل الكتاب { وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ } شروع فى بيان المحرّمات بالمصاهرة.

اعلم انّ الاحكام تابعة للعنوانات والعنوانات لمصاديقها العرفيّة فكلّ من صدق عليها عرفاً انّها امرأة فلان فامّها محرّمة عليه، ومن لم يصدق عليها عرفاً انّها امرأة فلان فظاهر الآية انّ امّها لا تكون محرّمة النّكاح ولا محلّلة النّظر للرّجل، وصدق هذه الاضافة امّا بان يكون للمرء يد عليها بعد العقد المحلّل او خلطة وخدمة من الطّرفين او تمتّع او مجامعة او غير ذلك من اسباب صدق هذه الاضافة، امّا بمحض العقد متعة ففى صدق تلك الاضافة اشكال اذا كانت المعقودة صغيرة غير قابلة للاستتماع، وحمل ما ورد فى الاخبار من الاحتياج الى الدّخول مع منافاتها لظاهر الآية على ما ذكرنا من تصحيح صدق هذه النّسبة اولى من حملها على التّقيّة حتّى يلزم منه تحريم الفرج الحلال وتحليل النّظر الحرام كأنّهم (ع) قالوا: لا بدّ فى التّحريم من صدق هذه النّسبة، والدّخول احد اسباب هذا الصّدق فما شاع عندهم من تمتيع الصّغائر لتحليل النّظر الى الامّهات فيه اشكالٌ عظيمٌ والاحتياط هو طريق السّداد وهو ان يجتنب من النّظر الى غير المواضع المستثناة من امّ المعقودة الصّغيرة وان يجتنب من تحليل بضعها ايضاً ولا يحوم حول مثل هذه الشّبهات.

تحقيق حرمة منظورة الاب والابن على الآخر

{ وَرَبَائِبُكُمُ ٱللاَّتِي فى حُجُورِكُمْ } ذكر فى حجور كم لبيان علّة الحرمة لا انّه تقييد { مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } تقييد للنّساء ولذا لم يكتف به وبيّن مفهومه فقال تعالى: { فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ } وان نزلوا لا الذّين سمّاهم النّاس ابناءكم، وحليلة الرّجل تصدق على المرأة بمحض العقد والمحلّل وامّا ملك اليمين فهى وان كانت محلّلة بمحض عقد الملك لكنّها لا تحرم بمحض هذا العقد من الابن او الاب على الآخر، لانّ عقد الملك قد يقع لمحض الخدمة وقد يقع لمحض التمتّع وقد يقع لهما فاذا وقع عقد الملك فان ظهر امارات التّمتّع فى هذا العقد من لمسٍ وتقبيلٍ ونظرٍ بشهوة فهو بمنزلة عقد النّكاح يحرّم مملوكة الابن على الاب وبالعكس، وان لم يظهر تلك الامارات فهى كسائر المملوكات وله التّصرّف فيها باىّ نحو شاء ولا تصير محرّمة كحرمة المصاهرة فمنظورة الاب وملموسته بشهوة ان كانت مملوكة له فهى محرّمة على الابن بالعكس، وامّا الحرّة فالحاقها بالمملوكة قياس مع الفارق وليس عليها نصّ منهم عليهم السّلام { وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلاخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } فانّه لا عقوبة عليكم فيما مضى وكان بجهالةٍ منكم وهذا شروع فى بيان المانع { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً } يغفر ما يقع عن جهلٍ { رَّحِيماً } لا يؤاخذ من لا يعمّد فى مخالفته.