الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ }

تحقيق تبديل الارض واشراقها بنور ربّها

{ وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا }.

اعلم، انّ نسبة الامام الى الارض والارضيّين مثل نسبة الرّوح الى البدن وقواه، وكما انّ نور الرّوح لا يظهر الاّ فى القوى المدركة دون سائر آلات البدن لكونها منغمرة فى ظلمة المادّة كذلك نور الامام فى الدّنيا لا يظهر الاّ فى الكمّل من شيعتهم، وامّا غيرهم من العناصر ومواليدها انساناً كانت او حيواناً او نباتاً وجماداً فلا يظهر نور الامام فيها لانغمارها فى ظلمات المادّة وعوارضها فاذا انقضى الدّنيا وانقضى البرازخ الّتى هى معدودة من الدّنيا بوجهٍ وانتهى الانسان الى الاعراف او الى عالم المثال النّورىّ العلوىّ صارت الارض مبدّلةً والمادّة ولوازمها مطروحةً وصارت تلك الارض مستشرقةً بنور الامام (ع) كما انّ هذه الارض مستشرقة بنور الشّمس، واذا تبدّل ارض العالم الصّغير وصارت ارض الملكوت غالبة على ارض الملك استشرقت ارض البدن بنور ملكوت الامام بل ارض العالم الكبير تصير مشرقةً بنور ملكوته ويصير الانسان مستغنياً بنور الامام عن نور الشّمس كما قال المولوىّ قدّس سرّه عن الشّيخ المغربىّ:

كَفت عبد الله شيخ مغربى   شصت سال ازشب نديدم من شبى
من نديدم ظلمتى در شصت سال   نى بروز ونى بشب از اعتدال
ولمّا كان الانسان انموذجاً من العالم كان اذا تولّد بالولادة الثّانية وظهر عليه ملكوت امامه ظهر عليه كيفيّة اشراق الارض بنور ربّها، قال الصّادق (ع): ربّ الارض امام الارض، قيل: فاذا خرج يكون ماذا؟ - قال: اذاً يستغنى النّاس عن ضوء الشّمس ونور القمر ويجتزؤن بنور الامام، وعنه (ع): اذا قام قائمنا اشرقت الارض بنور ربّها واستغنى العباد عن ضوء الشّمس وذهبت الظّلمة، وكلّ ذلك فى العالم الصّغير اشارة الى التّولّد الثّانى وظهور ملكوت الامام { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ } قد مضى فى سورة الكهف بيان وضع الكتاب { وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ } الّذين هم رسل الله الى الخلق ليسئلوا عن اجابة الخلق لهم وطاعتهم وانقيادهم لله { وَٱلشُّهَدَآءِ } اى خلفاء الرّسل (ع) فى دعوة الخلق الّذين يشهدون بافعالهم واحوالهم واخلاقهم واقوالهم على النّاس بعد الانبياء (ع) { وَقُضِيَ بَيْنَهُم } بين العباد او بين النّبيّين والشّهداء وبين الخلق { بِٱلْحَقِّ } بحيث لا يشوب القضاء باطل اصلاً { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } قد سبق معنى توفية كلّ نفسٍ ما عملت فى سورة آل عمران { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } حال يعنى انّ الاتيان بالنّبيّين والشّهداء ليس لجهل الله بهم وبافعالهم.